للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

* قوله: (فَتَلَطَّفَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِيُرِيَهُمْ كيْفَ لَا يَلْزَمُ الْحُكْمُ بِهَا عَلَى أُصُولِ الإِسْلَامِ؟) (١).

هذا قول مردود كما ذكرت، وغير مُسَلَّمِ، وإن كان المؤلف نقله عن غيره، فهو قول غير صحيح والمؤلف لم يقفَ على رواية مسلم.

* قوله: (وَلذَلِكَ قَالَ لَهُمْ: "أَتَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا؟ - أَعْنِي: لِوُلاةِ الدَّمِ، وَهُمُ الأَنْصَارُ - قَالُوا: كَيْفَ نَحْلِفُ، وَلَمْ نُشَاهِدْ؟ قَالَ: "فَيَحْلِفُ لَكُمُ الْيَهُودُ؟ "، قَالُوا: كيْفَ نَقْبَلُ أَيْمَانَ قَوْمٍ كفَّارٍ؟).

أولًا لو لم يرد حديث مسلم لوجدنا في هذا الحديث دليلًا للجمهور؛ لأنها لو لم تكن سُنة، ولو لم تكن ثابتة لَمَا طلب رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - من عبد الرحمن بن سهل وحويصة ومحيصة أن يحلفوا خمسين يمينًا، ثم إنهم أبوا ذلك، فعرض عليهم أن يقسم لهم اليهود، فقالوا: قوم كفار لا يصدَّقون في ذلك، إذن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أراد القضاء، ولكنهم أبوا ذلك، فودى رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - من عنده، ثم إن صاحب البيت أدرى بما فيه، فصاحب القصة الذي هو سهل بن أبي حثمة راوي هذا الحديث هو وغيره؛ ذكر ذلك؛ لأنه قد رأى، فقد حكى وروى ونقل لنا ما شاهده من القصة، فكان معايشًا للقضية مشاهدًا لها ولذلك روى الحديث.


(١) يُنظر: "نيل الأوطار" للشوكاني (٧/ ٤٦) حيث قال: "القسامة أصل من أصول الشريعة مستقل، لورود الدليل بها، فتخصص بها الأدلة العامة وفيها حفظ للدماء وزجر للمعتدين، ولا يحل طرح سنة خاصة لأجل سنة عامة، وعدم الحكم في حديث سهل بن أبي حثمة لا يستلزم عدم الحكم مطلقًا، فإنه - صلى الله عليه وسلم - قد عرض على المتخاصمين اليمين … وهو لا يعرض إِلَّا ما كان شرعًا، وأما دعوى أنه قال ذلك للتلطف بهم وإنزالهم من حكم الجاهلية فباطلة، وكيف وفي حديث أبي سلمة المذكور في الباب أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أقرّ القسامة على ما كانت عليه في الجاهلية؟! ". وانظر: "المحلى" لابن حزم (١١/ ٣٠٥) وما بعدها ففيه بحث لا نظير له.

<<  <  ج: ص:  >  >>