للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وسنعود مرة أُخرى إلى الرد على من اعترض من أهل العلم على مذهب الجمهور بهذا الحديث.

* قوله: (قَالُوا: فَلَوْ كَانَتِ السُّنَّةُ أَنْ يَحْلِفُوا وَإِنْ لَمْ يَشْهَدُوا، لَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم -: هِيَ السُّنَّةُ).

ومما يثبت أنها السُّنة من الحديث نفسه، أنه طلب منهم ذلك، فلما توقفوا أراد أن يطلب من الطرف الآخر، فأبوا فقالوا: قوم كفار، فكيف يطلب الرسول- صلى الله عليه وسلم - منهم حكمًا جاهليًّا؟ وإذا وقفنا عند الحديث ففيه دلالة واضحة على مذهب الجمهور، فكيف وقد جاءت رواية مسلم بأن القسامة كانت في الجاهلية، فأقرها رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - وقضى بها؟ (١).

* قوله: (وَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ الآثَارُ غَيْرَ نَصٍّ فِي الْقَضَاءِ بِالْقَسَامَةِ، وَالتَّأوِيلُ يَتَطَرَّقُ إِلَيْهَا، فَصَرْفُهَا بِالتَّأوِيلِ إِلَى الأُصُولِ أَوْلَى).

نحن نراها نصًّا، ومما أكد هذا النص رواية مسلم، فلا تحتاج إلى تأويل، ولا تغيير ولا تبديل.

* قوله: (وَأَمَّا الْقَائِلُونَ بِهَا وَبِخَاصَّةٍ مَالِكٌ).

وأما القائلون بها وهم جماهير العلماء، قال: (وبخاصة مالك) وقد نبهت مرات إلى أننا نقول: كذا وكذا خاصة كذا، وأما العلماء السابقون فإنهم يتسمون بالدقة في التعبير اللغوي، فإنك لا تقول: خاصة وإنما نقول: بخاصة، قال: (وبخاصة مالك)؛ لأنه يعرف مذهبه أكثر من غيره، وإلا فهذا هو رأي جماهير العلماء.

* قوله: (فَرَأَى أَنَّ سُنَّةَ الْقَسَامَةِ سُنَّةٌ مُنْفَرِدَةٌ بِنَفْسِهَا، مُخَصِّصَةٌ لِلأصُولِ كَسَائِرِ السُّنَنِ الْمُخَصِّصَةِ).

يعني سنة مستقلة بنفسها، لا ينبغي أن نقف عندها ونقول بأنها


(١) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>