للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا أيماننا أموالنا، قال عمر له: أمنتم بأموالكم دماءكم، يعني حفظتم، فهذا يدل على أنه قد يحكم به.

قال: (واعتضد عندهم القياس في ذلك) إذن هذا دليل أيضًا للجمهور، القائل بأن القسامة ثابتة فهذا عمر - رضي الله عنه - لما رفعت إليه هذه القضية، وهي أن رجلًا قتل بين حيين، أحضرهم وطلب منهم أن يحلفوا خمسين يمينًا، فحلفوا، فاجتهد في الأمر فرأى أن الأولى أن يدفع الدية مَن هو أقرب لما لم يتبين له مرجح، وإنما المرجح هو القرب، ثم إنهم اعترضوا فقالوا: لا أيماننا وَقَت أموالنا - يعني حفظتها - ولا أموالنا وَقَت أيماننا، فقال لهم: حقنتم بأموالكم دماءكم؛ إذ حفظتموها، إذن أنتم استفدتم، يعني إذا لم يكن ذلك لو ثبت الأمر، لكان حينئذٍ القود.

* قوله: (وَلَكِنْ يُسْتَحَقُّ بِهَا الدِّيَةُ) (١).

أجاب العلماء القائلون بالقود (٢) - وهم المالكية والشافعية - بقولهم: لعل عمر - رضي الله عنه - إنما قال ذلك لما حكم بالقضية؛ لأنه تعذر وجود دليل على العمد؛ إذ لا يمكن أن يقام إِلَّا بدليل، فانتقل إلى الدية.

* قوله: (وَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا: إِنَّمَا يُسْتَحَقُّ بِهَا دَفْعُ الدَّعْوَى فَقَطْ فَعُمْدَتُهُمْ أَنَّ الأَصْلَ هُوَ أَنَّ الأَيْمَانَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَالأحَادِيثُ الَّتِي نَذْكُرُهَا فِيمَا بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللهُ، الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: وَاخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِالْقَسَامَةِ).

يعني: بعد أن اختلفوا: هل يجب بها القود ثم الدية أو الدية فقط أو التردد في ذلك، جاءت مسألة أُخرى.


(١) لم أقف عليه بهذا اللفظ عن عمر، ولكن أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٥/ ٤٤٤) عن إبراهيم النخعي، قال: "القسامة يستحق بها الدية ولا يقاد بها".
(٢) القود: القصاص، وأقدت القاتل بالقتيل، أي: قتلته به. انظر: "الصحاح" للجوهري (٢/ ٥٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>