للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَبْدَأُ الْمُدَّعُونَ، وَقَالَ فُقَهَاءُ الْكُوفَةِ (١) وَالبَصْرَةِ وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ: بَلْ يَبْدَأُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ بِالأَيْمَانِ) (٢).

يبدأ المدعى عليهم؛ لأن هذا هو الأصل "لو يعطى الناس بدعواهم لادَّعى رجال" (٣)، وفي رواية "أناس" (٤) وفي رواية: "أقوام" (٥) دماء أقوام


= ونكل البعض فلمن حلف نصيجه ولا شيء لمن نكل". وانظر: "القوانين الفقهية" لابن جزي (ص ٢٢٩).
(١) وهو مذهب الحنفية، يُنظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (٧/ ٢٨٦) حيث قال: "وهو أن يقول: خمسون من أهك المحلة إذا وجد قتيل فيها: باللّه ما قتلناه ولا علمنا له قاتلًا، فإذا حلفوا يغرمون الدية وهذا عند أصحابنا - رحمهم اللّه - ..... (ولنا) ما روي عن زياد بن أبي مريم أنه قال: "جاء رجل إلى النَّبِيّ - عليه الصلاة والسلام - فقال: يا رسول اللّه، إني وجدت أخي قتيلًا في بني فلان فقال - عليه الصلاة والسلام -: "اجمع منهم خمسين فيحلفون بالله ما قتلوه ولا علموا له قاتلًا" فقال: يا رسول اللّه، ليس لي من أخي إِلَّا هذا؟ فقال: "بل لك مائة من الإبل" فدل الحديث على وجوب القسامة على المدعى عليهم وهم أهل المحلة لا على المدعي، وعلى وجوب الدية عليهم مع القسامة". وانظر: "اللباب في شرح الكتاب" للميداني (٣/ ١٧٢).
(٢) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٨/ ٢٠٣) حيث قال: "وأما فقهاء الكوفة والبصرة وكثير من أهل المدينة فإنهم يبدؤون في القسامة المدعى عليهم بالأيمان فإن حلفوا برّوا عند بعضهم وعند أكثرهم يحلفون ويغرمون الدية اتباعًا لعمر - رضي الله عنه - وهو سلفهم في ذلك".
(٣) أخرجه مسلم (١٧١١) عن ابن عباس، أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "لو يعطى الناس بدعواهم، لادَّعى ناس دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المدَّعى عليه".
(٤) أخرجه أحمد في المسند (٣٤٢٧) عن ابن أبي مليكة، قال: كتبت إلى ابن عباس، فكتب إلي: إن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -: "إن اليمين على المدعى عليه، ولو أعطي الناس بدعواهم، لادعى أناس أموال الناس ودماءهم" وصحح إسناده الأرناؤوط.
(٥) أخرجه أبو عوانة في مستخرجه (٤/ ٥٤) عن ابن أبي مليكة، أنه كان على الطائف، وكانت امرأتان في بيت، فطعنت إحداهما الأخرى بإشفى في فخذها، فكتب فيها إلى ابن عباس، فكتب إليه: إن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -، قال: "لو أن الناس أعطوا بدعواهم لادّعى أقوام"، لعله قال: "أموال قوم ودماءهم، ولكن اليمين على المدعى عليه"، فاقرأ عليها هذه الآية: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ} [آل عمران: ٧٧]، قال: فأبت أن تحلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>