للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الانحلال، وأخرب الحال بالزوال لقلّة تدبير حرمة الجهّال مع تمكّنهم (١).

[وفاء النيل]

وفيه كان وفاء النيل في سادس عشرين مسرى، ونزل أسنبغا الطيّاري الحاجب فحلّق المقياس وفتح الخليج بين يديه، وكان قد ارتفع السعر شيئا لما تباطى (٢) الوفاء (٣).

[ربيع الأول]

[عودة المجرّدين إلى القاهرة]

وفي ربيع الأول قدم الأمراء المجرّدون إلى القاهرة ما عدا خجا سودون / ٢٣ / ويشبك الحاجب الكبير، فإنه تأخّر فقدم ليلا إلى داره في محفّة وهو مريض، وصعد ستة منهم إلى الحرّاقة بباب السلسلة ولم يصعدوا إلى القلعة لبين يدي السلطان خوفا على أنفسهم لما بلغهم ما وقع بالقاهرة. وكان الأتابك جقمق قد كتب إليهم يحذّرهم من الطائفة الأشرفية، وأنهم عزموا على القبض على جميع الأمراء، فدخلوا مستعدّين بأسلحتهم من غير أن تجر (٤) العادة بذلك.

وكان نظام الملك قد ألزم السلطان بأن يجلس للأمراء القادمين بشبّاك القصر المطلّ على الإصطبل، فأجابه إلى ذاك على مضض عنده، سيما وقد سلب جميع تعلّقات السلطنة ولم يبق له غير مجرّد الاسم فقط، وصارت الخدمة لا تقام إلاّ عند الأتابك بالإصطبل. ولما حضروا بأطلابهم صعدوا إلى باب السلسلة بخيولهم ونزلوا على درج الحرّاقة، وقام الأتابك مهر ولاّ إليهم حتى سلّم عليهم، ونزل ماشيا وهم معه إلى أن جاؤوا إلى الإصطبل تحت الشبّاك الذي به السلطان فوقفوا على بعد منه، فأومأوا بروسهم عوضا عن تقبيل الأرض، فأحضرت لهم الخلع وأفيضت عليهم هناك، ثم أومأوا ثانيا، وقدّمت إليهم المراكب السلطانية، فأومأوا ثالثا، وخرجوا راجعين من غير زيادة على ذلك وعدّ هذا الصنع من النوادر، ثم عادوا مع الأتابك حتى صعدوا معه إلى الحرّاقة وسلّموا عليه خدمة له وركبوا إلى منازلهم، هذا، وأطلابهم واقفة بالرملة تحت القلعة. وزادت عزّة الأتابك في هذا اليوم ومهابته وعظمته في النفوس، وتيقّن كل أحد بأنه هو السلطان، ونقص أمر السلطان بزيادة عمّا كان، لا سيما بهذه الفعلة التي لا يظن بها قطّ (٥).


(١) خبر التلاشي في: السلوك ج ٤ ق ٧/ ١٠٧، وإنباء الغمر ٤/ ٩٣، والنجوم الزاهرة ١٥/ ٢٣٥ - ٢٣٩، ونزهة النفوس ٣/ ٤٣٧ - ٤٤١، وبدائع الزهور ٢/ ١٩٤، ١٩٥.
(٢) الصواب: «تباطأ».
(٣) خبر النيل في: السلوك ج ٤ ق ٢/ ١٠٧٨، وبدائع الزهور ٢/ ١٩٥.
(٤) الصواب: «من غير أن تجري».
(٥) خبر المجرّدين في: السلوك ج ٤ ق ٢/ ١٠٧٨ - ١٠٨٠، وإنباء الغمر ٤/ ٩٣، ونزهة النفوس ٣/ ٤٤٣، ٤٤٤، وبدائع الزهور ٢/ ١٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>