للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نيابته المقايضات (١) والنزول عن الأقاطيع حتى خرج في ذاك عن الحدّ، وفحش الحال في ذلك حتى صار مقدّموا (٢) الحلقة ينزلون عن التقدمة (٣). وكذا أرسل في ذلك حتى صارت الباعة والعامّة تأخذ الأقاطيع (٤).

[رأس النوبة الكبرى لصرغتمش]

وفيه قرّر صرغتمش في الرأس نوبة الكبرى عوضا عن شيخو برضاه بذلك واختياره، وجعل إلى صرغتمش التصرّف في الأمور كلّها، وتدبير الدولة في حقيرها وجليلها، وصار هو وشيخو شيئا واحدا، وقصده الناس، وشهر، وركب، وعظم في النفوس، وزادت مهابته، وتكلّم في جميع أمور الدولة، ما عدا مال الخاصّ والوزارة. وأخذ صرغتمش في معارضة الأمراء في جميع أفعالهم. وأراد هو أن لا يعمل شيء إلاّ من بابه وبإشارته، ومتى حدث أمر من غير مشورته غضب وأبطل ذلك، بل وأخرق بصاحبه (٥).

وفيه أجمع رأي الأمراء على أن يستبدّ السلطان بالتصرّف، وأن يكون ما يأمر به على لسان صرغتمش (٦).

(أعجوبة) (٧)

وفيه وصل الخبر بأنّ طائفة الزيلع (٨) كانت جرت عادتهم بحمل مال على وجه مهادنة الحبشي ملك انجره الكافر، وأنّ رجلا من عباد الله الصالحين نهاهم أن يحملوا إلى الكافر ذلك، وشنّع عليهم أنهم يسلّمون ويعطون الجزية للكفّار، ثم ردّ رسول (٩) ملك الحبشة، فلما بلغه ذلك (شقّ عليه) (١٠). وحصروهم للغزو، وأضمر أن يقتل الديلم عن آخرهم. ولما صار بينه وبينهم يوم، قام ذلك العبد الصالح ليلته وسأل الله تعالى كفاية أمير الحبشي، بعد ما قرب الحبشي بهم، وركب بجيوشه بكرة النهار (١١) أظلم الجو بقدرة الله تعالى حتى صار الرجل يكاد أن لا يرى يده إذا أخرجها، ولا يرى صاحبه. ودام ذلك مقدار ساعة. ثم انقشع وأمطرت السماء ماء متغيّرا في لونه حمرة، وأعقبه رمل أحمر امتلأت به عيون الكفار (١٢) ووجوههم. ثم نزلت حيّات كثيرة جدّا فقتلت منهم خلقا كثيرا، فعاد بقيّتهم من حيث جاءوا، وهلك في عودهم


(١) في الأصل: «المعاهبا».
(٢) في الأصل: «لهدموا».
(٣) في الأصل: «البدربه».
(٤) السلوك ج ٢ ق ٣/ ٨٦٠.
(٥) السلوك ج ٢ ق ٣/ ٨٦٠.
(٦) السلوك ج ٢ ق ٣/ ٨٦٠.
(٧) العنوان عن الهامش.
(٨) في الأصل: «الديلم». والتصحيح من السلوك ج ٢ ق ٣/ ٨٦١.
(٩) في الأصل: «هوا».
(١٠) ما بين القوسين مكرّر في الأصل.
(١١) في الأصل: «البطار».
(١٢) في الأصل: «الكبار».

<<  <  ج: ص:  >  >>