للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[تغريق ابن مكانس]

وفيه غرّق الوزير ابن (١) مكانس نهارا كاملا حتى أرجف بغرقه (٢)، ثم أفرج عنه.

[شعبان]

[نفي العجمي المحتسب]

وفي شعبان كائنة الجمال محمود العجمي المحتسب، أمر الأتابك برقوق بنفيه، وكان سبب ذلك أنه وقع كلام في مجلس برقوق وهو حاضر، وذكر فيه الهندي بن منصور القاضي الحنفي، فقال برقوق: القضاة ما هم مسلمين (٣)، وكان ذلك بالتركية، فنقل محمود هذا لابن منصور، فشقّ عليه ذلك وركب إلى ابن (٤) جماعة الشافعيّ، وقال له: إني قطعت عمري بالإشتغال بالعلم بدمشق في آخر عمري أنفى بمصر عن الإسلام. وذكر له ما نقل عن برقوق، واستشاره في عزل نفسه، فتغيّر ابن (٥) جماعة من ذلك جدّا، وركب من فوره إلى برقوق، وفاوضه في ذلك فغضب من محمود وعزله وأمر بنفيه حتى شفع فيه (٦).

وهذا أيضا ممّا حدث في دولة الجركس، وأنّ القضاة والعلماء كانوا في غاية الأوج من العظمة حتى على تقدير شيء فيهم، لكن لكونهم وعاء العلم كانوا يعظّمون ويقبّل السلطان والأمراء الأكابر أياديهم ويخشون من ألسنتهم، ويرون أنهم ما عرفوا دين الإسلام إلاّ بهم، وأنهم عسى ما كانوا هم في بركتهم، فعاد الأمر بالعكس حتى وصلوا الوقيعة فيهم، ثم تزايد الأمر بعد ذلك لا سيما في أزماننا هذه حتى صار أقلّ الناس فضلا عن الأماثل والأكابر يتكلّمون في القضاة والعلماء وينسبونهم إلى المعائب والمثالب والمصائب، حتى أقبل الغلمان وأراذل العامّة وسفلة الناس، وما ذاك إلاّ عقوبة من الله تعالى لهم لامتهانهم العلم وخضوعهم لبني الدنيا في طلبها، وليتها لو وصلت إليهم. وإنّا لله وإنّا إليه راجعون.

[كوكب الذؤآبة]

وفيه ظهر في السماء كوكب بذؤآبة تزيد على قدر الرمحين، ودام مدّة كذلك (٧).


(١) في الأصل: «بن».
(٢) السلوك ج ٣ ق ٢/ ٤٤٧ وفيه: «عوّق» بدل: «غرّق».
(٣) الصواب: «مسلمون».
(٤) في الأصل: «بن».
(٥) في الأصل: «بن».
(٦) السلوك ج ٣ ق ٢/ ٤٤٧، ٤٤٨، وإنباء الغمر ١/ ٢٣٣، وبدائع الزهور ج ١ ق ٢/ ٢٩١.
(٧) السلوك ج ٣ ق ٢/ ٤٥٠، وإنباء الغمر ١/ ٢٣٩، وبدائع الزهور ج ١ ق ٢/ ٢٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>