للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ربيع الآخر]

[ركوب السلطان]

وفي ربيع الآخر ركب السلطان ونزل في عدّة أمرائه وخاصكيّته إلى جهة طرا والعدوية وساق سوقا عنيفا ذهابا وإيابا، وما نزل عن فرسه حتى صعد القلعة، وأمر بأن ينادى أنّ من له جامكية فليحضر لقبضها بنفسه، ولا يقبض أحد جامكية أحد حتى ولا الغائب (١).

[المجلس بالقلعة]

وفيه عقد مجلس بالقلعة بين يدي السلطان حضره القضاة وبعض مشايخ العلم والأمراء وأرباب الدولة، وكان يوم تفرقة الجامكية، وطال فيه الكلام، وكان الغرض منه قطع جوامك جماعة من الناس، وذكر السلطان أن ديوانه عاجز عن صرف هذه الجوامك، وأن في صرفها إنما يظلم العباد وخراب البلاد، فإنها زادت عن المعتاد أضعافا مضاعفة، كما كانت في أيام من قبله من السلاطين / ٢٠٦ ب / ثم أخذ السلطان في أثناء كلام يظهر التبرّم مما هو فيه من السلطنة وصرّح بدعائه على نفسه وطلب الموت، بل ودعا على من كان السبب في دخوله في هذا الأمر، وذكر أنه بقي الحال على ما هو عليه من هذه الجوامك والمرتبات لا يحصل بعض سداد فضلا عن كل، وإن كان غير ذلك فينسب السلطان إلى الظلم والحيف وقطع الأرزاق، ثم أخذ يظهر أنه يريد خلع نفسه، وقال للحاضرين: اختاروا من تقدّموه (٢) لهذا الأمر، فإنه لا قدرة لي بذلك على هذا الوجه إلاّ بعد ارتكاب المعضلات والظلم العظيم والعسف الكبير، ثم أخذ بعض القضاة يتكلّم بكلام فيه نوع حق، وبعض بما فيه تنزل مع غرض السلطان.

ثم انفض المجلس من غير طائل، ثم جلس السلطان على دكته واستدعى بالجامكية، وقطع في هذا اليوم جماعة. ووقعت أمور يطول الشرح في ذكرها قد بيّناها برمّتها في «الروض الباسم» (٣)، والله أعلم.

[تفرقة الجامكية الثانية]

وفيه في الجامكية الثانية جلس السلطان أيضا على تفرقتها، وقطع الكثير من الناس، ثم استمر السلطان يجلس على الجامكية بنفسه مدة، بل إلى يومنا هذا (٤).


(١) خبر ركوب السلطان في: الروض الباسم ٤ / ورقة ٢٠٨ ب، وإنباء الهصر ٣٣.
(٢) الصواب: «من تقدّمونه».
(٣) ج ٤ / ورقة ٢٠٨ ب، وبدائع الزهور ٣/ ٢٤، وإنباء الهصر ٣٣ - ٣٧.
(٤) خبر تفرقة الجامكية في: الروض الباسم ٤ / ورقة ٢١١ أ، وإنباء الهصر ٣٨ و ٤٠، ٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>