للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذو الحجّة]

[الوحشة بين الأتابك وبرقوق وبركة]

وفيه وقعت الوحشة بين الأتابك طشتمر وبين الأميرين برقوق وبركة، وأخذ برقوق في التّعنّت على طشتمر ليكون ذلك سببا لإثارة فتنة، وطشتمر ساكن مائل إلى عدم الفتن، قاصد الإخماد فيها، والأمر يزيد حتى كانت ليلة عرفة، فثارت فتنة، ولم يتحرّك فيها طشتمر.

ولما أصبح يوم عرفة خرج طشتمر من داره وفي عنقه منديل، ودخل على برقوق فقبض عليه وعلى آخرين بعده، وبعث به إلى سجن الإسكندرية. واستقرّ برقوق عوضه أتابكا في يوم الإثنين ثالث عشره، وقرّر عوضه في الأمير أخورية أيتمش البجاسي.

ودام سكنى برقوق بالإصطبل ولم ينزل منه، وتقاسم الأمر هو وبركة، وصار إليهما أمور الدولة بأسرها، وصارت الوظيفة جليلها وحقيرها لا تؤخذ إلاّ بالمال. ومن حينئذ ظهرت البراطيل والرشى على الوظائف حتى الدينية. وتطاول الأندال، بل والأوباش السفلة إلى ما سنح لهم من الولايات الجليلة والأعمال / ٢٣٢ / والرتب العليّة والمناصب.

قال بعض علماء التاريخ: قد بقي للناس من ذلك داهية دهياء أوجبت خراب مصر والشام أشهر (١).

وفي هذه الأيام صار الناس، لا سيما العوامّ يقولون: «برقوق وبركة، ضربا على الدنيا شبكة».

[القبض على يلبغا الناصري]

وفي خامس عشره قبض برقوق على يلبغا الناصري غدرا به، فلما بعث إليه يسأله أن يحضر عنده ليأخذ رأيه في شيء يحتاله، فلما أمر حضر عنده وتحقّق من شأنه قبض عليه وقيّده في الحال، وأخرجه إلى سجن الإسكندرية، وقرّر عوضه في إمرة سلاح إينال اليوسفيّ (٢).


(١) الصواب: أشهرا. وخبر الوحشة في: النفحة المسكية ٢٢٥، ٢٢٦، والذيل على العبر ٢/ ٤٦٥، وتاريخ ابن خلدون ٥/ ٤٦٧، ٤٦٨، والسلوك ج ٣ ق ١/ ٣٢٢، ٣٢٣، وتاريخ ابن قاضي شهبة ٣/ ٥٥٤، ٥٥٥، وإنباء الغمر ١/ ١٥٤، ١٥٥، والنجوم الزاهرة ١١/ ١٦٢، ١٦٣، ووجيز الكلام ١/ ٢٣٤، وبدائع الزهور ج ١ ق ٢/ ٢١٩، ٢٢٠.
(٢) خبر يلبغا في: الذيل على العبر ٢/ ٤٦٥، وتاريخ ابن خلدون ٥/ ٤٦٨، والسلوك ج ٣ ق ١/ ٣٢٤، ٣٢٥، وتاريخ ابن قاضي شهبة ٣/ ٥٥٥، وإنباء الغمر ١/ ١٥٥، وبدائع الزهور ج ١ ق ٢/ ٢٢٠، ٢٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>