للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأهال الناس ذلك سيما صوت الرعد وسنا البرق، وتهدّمت بعض الأمكنة.

ثم ورد الخبر من دمياط بأنّ هذا الريح كانت (١) هناك قوية جدا مهولة اقتلعت الكثير من الأشجار، وهدمت الديار، / ٣١٦ ب / وأغرقت عدّة مراكب للفرنج، بل وردت الأخبار بأنها كانت بكثير من الأقاليم والبلاد (٢).

[الصاعقة وحريق الحرم النبوي]

وفيه، في ليلة ثالث عشره، كان سقوط الصاعقة وحريق الحرم الشريف النبوي على ساكنها (٣) أفضل الصلاة والسلام، وكان حريقا مشهورا، سقطت منه المنارة والموذن (٤) ومات عدّة أنفس أيضا أو زيادة على ذلك كانوا بالمسجد الشريف، وسقطت منه سقوط المسجد وجميع الأعمدة، وما سلم سوى القبر الشريف، فإنه وجد كما كان، وعملت النار فيما حوله ولم يؤثر (٥) فيه، وكان هذا من نوادر الحوادث، وأنشدت فيه الأشعار (٦).

فمنها ما أنشدنيه لنفسه الشمس ابن (٧) الأستادار:

لم يحترق حرم الرسول بحادث ... تبنى عليه رضاهم الكفار


(١) هكذا في المخطوط.
(٢) خبر الريح في: بدائع الزهور ٣/ ١٨٧.
(٣) الصواب: «على ساكنه».
(٤) وقال ابن إياس: «وقتل المؤذن الذي كان على المئذنة وقت نزول الصاعقة». بدائع الزهور ٣/ ١٨٧.
(٥) الصواب: «ولم تؤثر».
(٦) خبر الصاعقة في: وجيز الكلام ٣/ ٩٢٠ - ٩٢٢، وتاريخ الخلفاء ٥١٦، وحوادث الزمان ١/ ٢٦٤، ٢٦٥، و ٢٧٠، ٢٧١ (سنة ٨٨٧ هـ‍)، وتاريخ ابن سباط ٢/ ٩٠٣، وبدائع الزهور ٣/ ١٨٧، ١٨٨، وشذرات الذهب ٧/ ٣٤٣، ٣٤٤، ونزهة الأبصار في ذكر الأقاليم وملوك الأمصار، مخطوط بدار الكتب المصرية، رقم ٥٠ بلدان تيمور، لحاكم البقاع حسن بن أحمد الفضلي، ورقة ٨٤، ومفاكهة الخلان ١/ ٥١ و ٥٢، ٥٤ (سنة ٨٨٧ هـ‍)، وأخبار الدول ٢/ ٢٢٣ و ٣/ ٤٦٦، وقال ابن إياس: فكتب بذلك محضر وثبت على قضاة المدينة، وكان مما كتب في المحضر أن المؤذّن لما طلع على المئذنة الشرقية لأجل التسبيح، فرأى صاعقة عظيمة نزلت من السماء على المسجد الشريف، فعملت فيه النار، فلما عاين المؤذّن ذلك خرس ونزل من المئذنة، فأقام ساعة ومات، وقد عاينوا (كذا) الناس عدّة أطيار بيض بأعناق طوال طائفة حول المسجد تمنع النار أن لا تحرق البيوت التي حول المسجد، وأن المسجد جميعه قد احترق حتى صار كالتنور، فلما سمع السلطان ذلك بكى وبكى من حوله، وتعجب الناس لهذه الواقعة كيف جرت في مثل هذا المكان الشريف، فأخذ شيخنا شمس الدين محمد القادري يعتذر عن ذلك، وهو قوله: بطيبة سيّئات الركب بدّلها ربّ العلا حسنات عند ما زاروا وعند ما قبلت ضاهت لذي حرم المختار من أكلت قربانه النار (بدائع الزهور ٣/ ١٨٧، ١٨٨).
(٧) في المخطوط: «بن».

<<  <  ج: ص:  >  >>