كتاب نيل الأمل في ذيل الدول

سنة سبع وخمسين وسبعماية - ربيع الأول - ج: 1 - ص: 291

[ربيع الأول]

[الريح بالقاهرة]

وفي ربيع الأول هبّت رياح بالقاهرة غربيّة (١)، اصفرّ منها الجوّ، ثم احمرّ، ثم اسودّ، واستمرّ من أوّل النهار إلى نصف الليل، وامتلأت به الأرض أغبرة وأتربة، وسقطت به عدّة أماكن، ثم أغاث الله تعالى الناس بالمطر فسكنت الريح (٢).

[ربيع الآخر]

[الحريق بساحل الشام]

وفي ربيع الآخر وقع حريق عظيم ببلاد الساحل الشاميّ ونواحي كسروان (من) بلاد الشام، وعمّ بلاد طرابلس إلى بيروت. وكانت (٣) النور يقوم من النار يضيها (٤). وكانت من الغرائب تلف بها أشياء كثيرة من الوحش والطير وأمتعة وشجر الزيتون. وسقطت ورقة من شجرة في بيت فأحرقت جميع ما فيه. ودامت هذه النار ثلاثة أيام، ثم بعث الله تعالى بمطر فأطفأه (٥).

[تعمير عمّان]

وفيه عمرت مدينة عمّان من (٦) البلقاء، بعناية صرغتمش، وجعلت قاعدة تلك النواحي، ونقلت الولاية إليها والقضاة أيضا من حسبان.

وعمّان هذه من المدن المشهورة القديمة، يقال إنها من بناء عمّان ابن (٧) أخي لوط - على نبيّنا وعليه أفضل الصلاة والسلام - بناها بعد هلاك قوم لوط.

ويقال: إنها / ٥٨ ب / مدينة الملك دقيانوس الذي كان في زمن أصحاب الكهف، وأنّ أصحاب الكهف خرجوا منها، وأنها هي المعنيّة في قوله تعالى: {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ} (٨). وأنّ الكهف والرقيم هناك. وبها تلقّب سليمان بن داود،

---

(١) في الأصل: «غريبة»، وهو غلط.
(٢) خبر الريح في: ذيل العبر للحسيني ٣٠٩، والسلوك ج ٣ ق ١/ ٢٨، وتاريخ ابن قاضي شهبة ٣/ ٩٦، ووجيز الكلام ١/ ٨٦.
(٣) الصواب: «وكان النور».
(٤) كذا، والمراد: «يضيئها».
(٥) خبر حريق الساحل في: البداية والنهاية ١٤/ ٢٥٦، والسلوك ج ٣ ق ١/ ٣٠، وتاريخ ابن قاضي شهبة ٣/ ٩٩، ووجيز الكلام ١/ ٨٧. وقد وقف ابن كثير على كتاب أرسله بعض الناس إلى صاحب له من بلاد طرابلس يخبره فيه عن الحريق، وذكره.
(٦) في الأصل: «من أهل البلقاء».
(٧) في الأصل: «بن».
(٨) سورة الكهف، الآية ١٩.