للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومولده قبل السبعين وسبعمائة.

[شوّال]

[التخوّف من فتنة بالقلعة]

وفي شوّال، في ليلة العيد كان بالقلعة حركات شديدة واضطراب مزعج خرج فيها السلطان من الدور إلى القصر واجتمع بها معه من نوّابه جماعة وافرة، وكانت الأمراء والجند بالرميلة في هذه الليلة في هرج ومرج وهم لابسون السلاح. هذا، والناس بالقاهرة في تخوّف عظيم وترقّب وقوع فتنة في يوم العيد. وكانت ليلة نكدة قلّ أن رؤي مثلها في ليال (١) الأعياد. وكانت من نوادر الليالي الموجبة للترح لأنّ هذه بالضدّ (٢).

[هرب إينال الأشرفي وخوف السلطان]

وفيه في يوم العيد صلّى السلطان الصلاة بالقصر وقد أحضر به مشهد صغير فنصب، وعجّل الحافظ ابن (٣) حجر بخطبته وقصّر منها، وخفّف الصلاة وهم على تخوّف شديد، وقد وقف جماعة بالسلاح المصلت على رأس السلطان، فما انتهت الصلاة إلاّ والخبر جاء بهرب إينال الأشرفي أمير الحاج ليلا، فعظم الخطب، وظنّ كل أحد أنّ إينال أخذ العزيز على الهجن المرصدة للحج وسار به إلى جهة الشام لإينال الجكمّي، ولو فعل ذلك لكان له وللعزيز شأن، لكن ما شاء الله كان.

وكان إينال / ٣٩ / قد خاف لما بلغه هرب العزيز أن يتّهم به فاختفى خوفا على نفسه، سيما وقد قامت دولة الظاهر بالمؤيّدية، وانضمّوا له، وعاد والأشرفية حتى شتّتوا شملهم وفرّقوا جمعهم بالقتل والمصادرة والسجن والنفي، إلى غير ذلك، وصاروا يترقّبون المكروه، وصاروا يغروا (٤) الظاهر بالعزيز وقتله، فكان من فراره ما ذكرناه لما خامر قلبه من الخوف.

ونودي بالقاهرة أن لا يتخلّف أحد من المماليك عند الخدمة، وقبض على جماعة من الأمراء، ونودي بإصلاح الدروب وغلق أبوابها وأبواب دور الجند، وأن لا يخرج أحد منهم بعد العشاء الآخرة، وغلّقت أبواب القاهرة قبل عادة الغلق، ومرّت بالناس أنكاد، هذا، والمؤيّدية هم المشار إليهم في تدبير الدولة حتى لم يبق لأحد معهم كلمة بل ولا السلطان لجسارتهم وتجسّرهم به، سيما جانبك المحمودي (٥).


(١) الصواب: «في ليالي».
(٢) خبر التخوف في: السلوك ج ٤ ق ٣/ ١١١٨، والنجوم الزاهرة ١٥/ ٣٠٠، ونزهة النفوس ٤/ ٨١.
(٣) في الأصل: «بن».
(٤) الصواب: «يغرون».
(٥) خبر هرب إينال في: السلوك ج ٤ ق ٣/ ١١١٩، ١١٢٠، والنجوم الزاهرة ١٥/ ٣٠٠ - ٣٠٣، ونزهة النفوس ٤/ ٨١، ٨٢، وتاريخ ابن سباط ٢/ ٧٩٤، وبدائع الزهور ٢/ ٢١٠، ٢١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>