للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحد الآخذين عن ابن عرفة. وبرع في كثير من الفنون، وشارك في الفضائل، وألّف، ونظم، ونثر، وأقبل على التاريخ، واستمدّ فيه منّي كثيرا وتردّد إليّ له ولغيره من الدروس. وهو إنسان ساكن، أصيل، منجمع عن الناس، متودّد، سمعت من نظمه وفوائده، بل امتدحني بما كتبه لي بخطّه» (١).

[ترجمته عند «ابن إياس»]

«. . . شيخنا العلاّمة زين الدين عبد الباسط بن الغرسي خليل بن شاهين الصفوي الحنفيّ. وكان عالما فاضلا، رئيسا، حشما، من ذوي البيوت، وكان من أعيان الحنفية، وكان مولده سنة أربع وأربعين وثمانمائة، فكانت مدّة حياته نحو ست وسبعين سنة. وكان له اليد الطّولى في الفقه على مذهب الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه. وكان له اليد الطولى في علم الطبّ. وله عدّة مصنّفات نفيسة، منها: تاريخه الكبير المسمّى ب‍ «الروض الباسم»، وآخر دونه يسمّى «نيل الأمل في ذيل الدول»، وآخر في الوفيات على حروف المعجم (٢)، وآخر في علم الطبّ، وغير ذلك في الشروحات على كتب الحنفية.

وكان والده الغرسي خليل من أعيان الناس، ولي الوزارة بالديار المصرية، وولي عدّة نيابات جليلة، منها: نيابة حماه، وصفد، والقدس الشريف، ونيابة الإسكندرية، وغير ذلك من النيابات الجليلة، وكان في مقام الأمراء المقدّمين.

وأمّا الشيخ عبد الباسط، رحمه الله، كان صفته طويل القامة، نحيف الجسد، وكان يربّي له ذؤآبة شعر في رأسه على طريقة الصوفية، وكان له أنف وافر جدا، حتى إنّ بعض شعراء العصر قال فيه مداعبة لطيفة، وهو قوله:

أدخلت في منخره إصبعي ... وقلت: ماذا العضو سمّيه

فقال لي مستعجلا: منخري ... قلت: أنا يا سيدي فيه

وكان الشيخ عبد الباسط ضنينا بنفسه، وعنده يبس طباع، مع شمم زائد، وكان معظّما عند الأتراك والأمراء، وكان عارفا باللغة التركية، وفيه جملة محاسن، وكان بقية السلف، وعمدة الخلف. وكان أصابه علّة السلّ، فأقام نحو سنة ونصف وهو عليل، منقطع في داره حتى مات، رحمة الله عليه» (٣)

وعاد «ابن إياس» فذكره ثانية، باختصار شديد فقال:


= مات في سنة ٨٨٢ هـ‍. (الضوء اللامع ٩/ ١٧٩، ١٨٠ رقم ٤٦٢).
(١) الضوء اللامع ٤/ ٢٧ رقم ٨٢.
(٢) في المطبوع من بدائع الزهور: «وآخر في التوفيات على الحروف المعجم».
(٣) بدائع الزهور ٤/ ٣٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>