إلى هذه الأيام يتشوّف الواقف عليه لما حدث على مدى الشهور والأعوام. حتى سألني بعض خلّص إخواني وأحبّائي. . . وكرّر عليّ غير ما مرة السؤال في تذييله على نحو النسج في الذهبي، من المنوال بزمان على ذلك في الحوادث والوفيات، يغني عن النظر في غيره من التواريخ المطوّلات. فأجبته إلى ذلك. . . وجمعت هذا الذيل. . . ورتّبته على الدول والسنين، وزدت الشهور، وأتيت فيه بما هو الأهمّ المشهور. . . وسمّيته:«نيل الأمل في ذيل الدول»، وابتدأت فيه من السنة التي انتهى إليها المصنّف».
منهجيّة الكتاب
اعتمد المؤلّف في عرض مادّة الكتاب الطريقة التقليدية المتّبعة في كثير من كتب التاريخ الأخرى، وهي طريقة الحوليّات، أي ذكر أخبار، أو وقائع، أو حوادث كل سنة على حدة، وذكر تراجم الوفيات مع الحوادث ضمن السنة نفسها حسب تتابع تواريخها بالأيام والسنين، فيبدأ أولا بتاريخ السنة كعنوان رئيس، ثم يذكر الشهر، مبتدئا بشهر محرم فيذكر ما وقع فيه من حوادث ووفيات مرتّبة على الأيام، ثم شهر صفر، فربيع الأول، وهكذا حتى تنتهي السنة، وبعد ذلك يذكر مجموعة صغيرة من الأحداث والوفيات التي لا يعرف في أيّ شهر حصلت لبعدها عن مصر، مكان إقامته.
وهو يبدأ كل شهر بعبارة:«وفي شهر كذا». ويبدأ كل خبر وكل ترجمة بقوله:«وفيه». أمّا عند ذكره لأخبار ووفيات السنة التي لا يعرف في أيّ شهر كانت، فيبدأها بقوله:«وفيها» أي في السنة التي يؤرّخ لها.
ومنهجية دمج تراجم الوفيات مع الحوادث والأخبار التي اتّبعها المؤلّف في كتابه «نيل الأمل»، تختلف عن منهجية الحافظ الذهبيّ في كتابه «دول الإسلام» الذي صنّف المؤلّف كتابه هذا تكملة له. فالذهبيّ يذكر حوادث السنة أولا، ويجمع الوفيات فيذكرها مرة واحدة في آخر السنة نفسها. وهذه الطريقة اتّبعها المؤلّف في تاريخه الكبير «الروض الباسم»، ولكنّه عدل عنها في «نيل الأمل»، فلم يفصل بين الحدث والوفاة، وكأنّه يريد أن يؤكّد أنّ وفاة الأعلام تمثّل حدثا بحدّ ذاتها.
وبما أنّ الكتاب يبدأ بحوادث سنة ٧٤٤ هـ - أي قبل ولادة المؤلّف بمائة عام - فإنه اعتمد في تاريخه بشكل أساسيّ على كتاب «السلوك لمعرفة دول الملوك» للمقريزي، ومن بعده على كتاب «إنباء الغمر بأنباء العمر» لابن حجر العسقلاني - صديق والده -، ومن بعده على كتاب «عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان» لبدر الدين العيني، و «النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة» لابن تغري بردي، و «التبر المسبوك في الذيل على السلوك» للسخاوي، وغيره. وهي مصادر أساسية لتاريخه الكبير «الروض الباسم»، وبالتالي لمختصره، كتابنا هذا. وهنا أجد المندوحة في العودة إلى مقدّمة «الروض الباسم» للتأكيد على مقولتنا، ففيها يقول ما نصّه: «. . . وقد يحسن ويصلح أن يكون