بحوادث ووفيات سنة ٨٧٤ هـ. غير أنّ المؤلّف - رحمه الله - يشير إليه في كتابنا هذا «نيل الأمل» في السنوات التي تلي سنة ٨٧٤ حتى سنة ٨٩٦ هـ. وينقل منه، وفي آخر مرة يحيلنا إليه عند ذكره ثورة أهل حلب على نائبها في شهر شوال سنة ٨٩٦ هـ. إذ يقول في الورقة ٤٠٤ أ:«وقد ذكرنا تفصيل ذلك بالتاريخ الكبير المسمّى الروض الباسم».
ولدينا أكثر من إشارة إلى أنّ الكتاب يؤرّخ إلى ما بعد ٨٩٦ هـ. ففي (المجلد ٢ / ورقة ٢٣٠ أ) يذكر حادثة وقوع السلطان قايتباي وكسر رجله، ويقول بعد ذلك: إنه سيأتي مثل ذلك في سنة ٩٠١ هـ. وفي الورقة (٢١٥) يشير إلى أنه ذكر وفاة محمد أمير مكة في سنة ٩٠٣ هـ. وفي الورقة (٤٠٠ ب) يشير إلى أن «مصر باي» اختفى حين سلطنة العادل كما سيأتي في سنة ست وتسعمائة. أمّا «ابن إياس» فينقل عن المؤلّف، عن كتابه هذا بالتحديد، أخبارا في سنوات ٨٩٩ و ٩٠١ و ٩٠٦ و ٩١١ هـ. وهذا يدلّ أن الكتاب أكبر مما وصلنا، وكذلك كتاب «الروض الباسم»، ما يعني أنّ الناسخ لكتاب «نيل الأمل» لم يكمل نسخه كاملا، ووقف عند سنة ٨٩٦ هـ. وقد بدا في نهاية المخطوط تسرّع الناسخ بحيث لم يعد يذكر «الشهر» على عادته، واكتفى في ختام الكتاب بالقول:«الله أعلم»، دون أن يذكر اسمه، أو يؤرّخ لإتمام كتابته، كما نجده في آخر كل مخطوط. ومن حقّنا أن نشكره ونترحّم عليه - كما نترحّم على المؤلّف - لأنه حفظ لنا القسم الأكبر من هذا الكتاب بخطه، فيما ضاع أصل المؤلّف بكامله.
بقي أن أشير هنا إلى أنّ المؤلّف يذكر في (المجلّد ٢ / ورقة ٢٣٢ ب) أن تاريخ تأليفه للكتاب كان في سنة ٨٩٥ هـ. ومن الواضح أنه واصل تأليفه بعد ذلك، إذ يذكر في الورقة ٤٠٢ أن «أركماس» نائب حلب أقامه العادل طومان باي في هذه السنة التي علينا، وهي سنة ٩٠٦ هـ، غير أنّنا لا نستطيع أن نجزم متى توقّف عن التأليف، وعسى أن يعثر أحد الباحثين على تتمّة هذا الكتاب النفيس، وعلى تتمّة تاريخه الكبير «الروض الباسم»، فيثري معلوماتنا - أو من يأتي بعدنا - بمعلومات ثمينة انفرد بها مؤرّخنا «الظاهريّ» دون غيره من المؤرّخين المعاصرين له، واللاحقين به.
أمّا اسم الكتاب فقد وثّقه مؤلّفه في مقدّمة المجلّد الأول، وفي الورقة الأولى من المجلّد الثاني، والطريف أن الورقة الثانية منه - أي المجلّد الثاني - تحمل ثلاثة عناوين للكتاب هي:«أخبار الدول وآثار الأول»، و «حوادث الدهور في مدى الأيام والشهور»، وهو المسمّى ب «نيل الأمل في ذيل الدول».
وقد أوضح المؤلّف سبب تأليفه لهذا الكتاب فقال: إنّ المختصر في التاريخ المسمّى ب «دول الإسلام» للحافظ شمس الدين الذهبي، مختصر أنيق لطيف «احتوى على عدد الوقائع والحوادث المشتهرة، ومهمّات الوفيات للأئمّة الأعلام المهرة، انتهى فيه إلى سنة ٤٤ وسبعمائة من الهجرة النبوية. إذ فيما بعدها أدركته المنيّة، وبقي منقطعا بعدها