للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دعائه، فأجرى الله تعالى على لسانه بأن قال: اللهم انصر عبدك السلطان الملك العادل.

ويقال إنّ جانبك قلقسيز عيّن في هذه الليلة للأتابكية، وابن العيني لإمرة سلاح، وأنهما قبّلا الأرض لخير بك.

وكان برد بك هجين الأمير اخور كبير في هذه الليلة بالإسطبل وأحسّ بالكائنة، فنقل جميع تعلّقاته وأسبابه، ونزل بعد العشاء بعد أن بعث إلى الأتابك قايتباي من يعلمه بالحال، فركب الأتابك ليلا مع جموع وافرة من خشداشيّته ومع من انضمّ إليه من طائفتي الأشرفية البرسبائية والإينالية، وكانوا قد تهيّئوا (١) لذلك من النهار بعد أن قرّروا مع قايتباي أمر سلطنته وهو يمتنع من ذلك. وقام جماعة من الإينالية بهذا الأمر، منهم: قانصوه الخسيف، وتنبك قرا، وقان بردي، وعدّة من البرسبائية، منهم: تمراز الشمسي قريب السلطان. وكان أيضا في صحبة يشبك من مهدي كاشف الوجه القبلي وقد قدم القاهرة، فمنع من دخولها وفي قلبه شيء من تمربغا، فكان هو أيضا من أكبر القائمين مع قايتباي والمحسّنين له السلطنة، وحضر هذا الجمع في هذه الليلة بدار قوصون. وزادت الحركة في هذه الليلة والاضطراب.

/ ١٩٢ / وكان بالرملة والشوارع فيها هرجة هائلة انزعج فيها الكثير من الناس، وأخذ أمر قايتباي في الازدياد والنموّ.

وأمّا خير بك فبات مع طائفته، وأصبح في غلس يوم الإثنين في شروعه في عمل مصالحه، فركب مركوبا من مراكيب السلطنة، وحضر ركاب دارية السلطان، وعومل معاملة السلاطين، ونزل إلى باب السلسلة كالمنتظر لمن يوافيه من طوائف يقال إنه اتفق معهم، فإن صحّ ذلك فإنما فعلوه حيلة منهم لاستداركه. فلما رأى أنّ أحدا ما جاءه وآيس وقنط ظهر عليه الندم، لكنه لم يبده، بل أخذ يحرّض أصحابه على القتال وعلى تحصين القلعة وتحصين الإسطبل والصعود على أسواره والاستعداد، وهو في بحر افتكار (٢).


(١) الصواب: «تهيّأوا».
(٢) خبر خلع تمربغا في: النجوم الزاهرة ١٦/ ٣٨٧ - ٣٩٠، وتاريخ البصروي ٣٠، وحوادث الزمان ١/ ١٨١، ومنتخبات من حوادث الدهور ٣/ ٦١٥ - ٦١٧، والدليل الشافي ١/ ٢٢٣ رقم ٧٨٢، والضوء اللامع ٣/ ٤٠، ٤١ رقم ١٦٧، ووجيز الكلام ٢/ ٨٦٠، ٨٦١ رقم ١٨٧٠، ونظم العقيان ١٠٢ رقم ٦١، وتاريخ الخلفاء ٥١٤، وحسن المحاضرة ٢/ ٨٠، وتاريخ ابن سباط ٢/ ٨١١، وبدائع الزهور ٢/ ٤٦٧ - ٤٧٦ و ٣/ ١٠٥، وشذرات الذهب ٧/ ٣٦٦، والتاريخ الغياثي ٣٦٠ - ٣٦٢، وأخبار الدول ٢/ ٣١٧، ٣١٨، وتاريخ الأمير حيدر ٥٤٦ ووفاته فيه سنة ٨٧٩ هـ‍، وتحفة الناظرين ٢/ ٤١، ٤٢، والروض الباسم ٣ / ورقة ١٦٦ ب - ١٦٨ ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>