للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوافل الحجّاج، والرياح والعواصف، والأوبئة، والحرّ، والبرد، والشدّة، والرخاء، والفتن والحروب، وأخبار الأعراب، وأهل صعيد مصر، وتبادل السفارات والوفود مع السلاطين العثمانيين، وملوك الفرنج، والاحتفالات، والمواكب، ورسوم السلطنة، والمناصب، والوظائف ومصطلحاتها، ووضع أهل الذمّة من نصارى ويهود في المجتمع الإسلامي، وفتح قبرس، وغزو رودس، والتصدّي لغزوات وغارات الفرنج في البحر، وغير ذلك من معلومات ثرّة، انفرد المؤلّف بذكر كثير منها دون غيره من المؤرّخين، إذ لم أجدها في أيّ مصدر آخر. كما أضاف كمّيّة ضخمة من تراجم الأعلام، وخاصّة أعلام القرن التاسع، ممّن عاصرهم، أو اتّصل بهم والتقاهم، أو وقف على أحوالهم، وهم بالمئات، ولم يذكرهم «السخاوي» في موسوعته المعروفة ب‍ «الضوء اللامع لأهل القرن التاسع»، وقد أشرت إلى ذلك في حواشي الكتاب.

ولم يكن مؤلّفنا مجرّد ناقل ومقتبس من كتب غيره ممّن سبقوه، أو جمّاعة للأخبار فحسب، بل كان مؤرّخا، ناقدا، مناقشا، صاحب رأي فيما ينقله ويدوّنه. وهذا نجده واضحا في تاريخه الكبير «الروض الباسم»، إذ نراه يعلّق على رواية ذكرها «ابن حجر» في شهر ربيع الآخر سنة ٨٤٩ هـ‍. وهي أنّ السلطان الأشرف قايتباي عيّن «يونس البوّاب» الدوادار أن يكون مسفّرا لنائب حلب قانباي البهلوان يحمله إليها من حماه، وخلع على يونس بذلك، فقال المؤلّف «عبد الباسط»؛ «وسهى (كذا) الحافظ ابن حجر - رحمه الله - لما ذكر هذه القضية فقال: وتوجّه - أعني يونس بنائب حلب بطالا إلى القدس، ولعلّه قصد أن يفصّل ذلك أولا، وما أظنّ إلاّ أنه أشيع، فنقله الحافظ. على الإشاعة، ولم يقع ذلك. وكذا سهى (كذا) في نائب حلب قانباي لما ذكر عزله، فسمّاه جلبان، فإنه قال في تاريخه: وفي هذا الشهر عزل نائب حلب جلبان. ولم يكن إلاّ قانباي هذا. ثم ذكر الحافظ المذكور في تاريخه بعد ذكره هذه القصة باسطر أنه يقال إنّ السلطان قرّر في تقدمة شاد بك دولات باي الدوادار الثاني، وقرّر الشهاب أحمد حفيد إينال اليوسفي في الدوادارية الثانية. وهذا أيضا لم يقع، فيحمل على أنه قيل له ثم رجع عنه إلى ما قلناه، فعلّقه الحافظ في وقته، ثم لم يحرّره، فإنه كان فيما هو بصدده، وكان التاريخ فضلة عنده ولا يتفرّغ لتحريره، رحمه الله تعالى» (١).

وانتقد «ابن تغري بردي» نقدا لاذعا في أكثر من موضع في «الروض الباسم» أيضا، وأتّهمه مرة بالسفالة وقلّة الأدب والحياء وعدم المعرفة، ومرّة بجمود ذهنه، وأخرى بأنه فضوليّ يقول كلاما لا طائل تحته، وأنه يتوهّم بل يكذب.

ففي ترجمته للمؤرّخ «تقيّ الدين المقريزي» نقل أقوال المؤرّخين في نسبه إلى أن


(١) الروض الباسم ١ / ورقة ٣٤ ب (حسب ترقيم المخطوط) و ١٠٦ (حسب ترقيمنا)، وقارن بإنباء الغمر ٤/ ٢٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>