للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يكن له حقيقة. ثم إنني رأيت خط المحبّ وقد وقف على هذا المحلّ من تاريخ يوسف المذكور، فكتب بخطه بإزاء ذلك المحلّ ما جرى ذلك، وما علمت من أين أخذ ذلك، وتوهّمه، على أنه ليس بوهم، بل كذب محض» (١)!

وعلّق المؤلّف طويلا على ما كتبه «ابن تغري بردي» بحقّ السلطان الأشرف إينال في ترجمته ووفاته في سنة ٨٦٥ هـ‍. حول كتابة «إينال» العلامة على المناشير وأنه لم يهتد إلى ذلك، فأكّد المؤلّف أنه كان يكتب له بالقلم الرفيع العلامة وهو يعيد على ذلك بقلم العلامة الغليظ، وأن «ما ذكره بعض المؤرّخين - ويعني ابن تغري بردي - من أنه كان ينقّط له ثم يعيد هو على النقط فوهم، بل كان يكتب له كما ذكرناه، وكذا ما ذكره أنه لم يهتد إلى ذلك مدّة سلطنته، بل اهتدى على ما بيّناه في المراسيم، ولم يعدها بخلاف المناشير، فإنّ العلامة فيها: «الله أملي»، فكأنها كانت بعيدة عن ذهنه، ولأنها كانت قليلة الكتابة بخلاف المراسيم، فإنها متكرّرة كثيرا. وذكر هذا المؤرّخ أيضا عنه أنه لم يكن عفيفا عن الفروج، بل قال عنه إنه ربّما اتّهم بحبّ المرد، وإنه كانت أحكامه غالبة مناقضة للشريعة (. . .)، وهذه عبارته بعينها وحروفها، وأنت تدري ما فيها من الخلل، بل كان السكات عمّا ذكره أجمل، إذ العفّة من غالب هؤلاء الأتراك، وإن ظهرت فالغالب في الباطن بخلافها، على أنّ من ذكر هذا المؤرّخ عنه العفّة منهم كان إينال هذا عندي أعفّ منه، ومن نظر بعين الإنصاف مع تركه الاعتساف والغرض في سير هؤلاء وأحوالهم علم ما أقوله بشرط إمعان النظر، والتوسّم الموافق لصحّة الخبر حتى به يزن ما يرد عليه ويسمعه. ثم قال هذا المؤرّخ بعد ذلك: ووقع من مماليكه في أيام دولته من الأذى والتشويش البالغ والفحش وما لا يمكن شرحه، وهو راض به مع قدرته على إزالته. ثم قال: وكان يرضى بظلم الظالمين، بل ربّما شكرهم على ظلمهم وألبسهم الخلع والتشاريف. قال: وكان الخلق في آخر أمره تبغضه بغضا شديدا عظيما، وتمنّوا زوال ملكه لما ساموه لا سيما من شدّة وطأة ولده أحمد، وزوجته، وصهره برد بك الدوادار. انتهى كلامه. أقول: ليت شعري من ذا الذي لم يتّصف بهذه الصفات بعده من السلاطين، وكذا قبله من جنسه حتى ينكر هذا المؤرّخ على ذاك، أعني صاحب الترجمة. وكذا من ذا الذي سلم من هذه الآفات، لكن الأغراض توقع صاحبها فيما أراده (٢). . .».

ولا يترك المؤلّف فرصة سانحة إلاّ ويغتنمها للنيل من «ابن تغري بردي»، ويجدها هذه المرة في ما كتبه عن سلطنة تمربغا وتفضيله على كل السلاطين الذين سبقوه؛ بما فيهم صلاح الدين الأيوبيّ. فقال عن «تمربغا»: «ولما ترجمه بعض المؤرّخين ممن يجازف في كلامه ويعرّض فيما يقول، قال: لا نعلم في ملوك مصر من ولي تخت مصر


(١) الروض الباسم ٢ / ورقة ٢٢ أ.
(٢) الروض الباسم ٢ / ورقة ٢٨ أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>