للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوالد أن يكون بمدينة الخليل عليه السلام، فأذن له بذلك، ثم بعث إليه الظاهر بإضافة عدّة جهات ومرتّبات له إلى قاقون، ثم بعث يستأذن الظاهر في الحج فأذن له فيه وبعث إليه بنفقة جيّدة فحجّ من الخليل مجرّدا مع بعض جماعة من مماليكه، وهي ثالثته.

ثم طلبه السلطان إلى القاهرة، وحين قدمها أجلّه السلطان وقام له وأجلسه، ثم قرّر في نيابة القدس، وذلك في محرم سنة خمسين، وأضاف إليه تقدمة ألف بدمشق، وبعث إليه بأشياء كثيرة ومبلغ ألف دينار، وخرج الوالد إلى نيابتها وباشرها فوق السنة، ثم بعث بالاستعفاء منها فأعفي، وأمر بالتوجّه إلى دمشق على ما بيده من النقدية، وكتب له بأن يكون أمير ميسرة بدمشق، فأقام بها مدّة، والنقّارات تضرب على بابه، وهي من نوادره بدمشق، إذ لم تجر العادة الحديثة بذلك سوى لنائب الشام، والأتابك، وحاجب الحجّاب، وأمّا بقية مقدّمين (كذا) الألوف فكانوا بالطبلين والزمرين أي كلّ منهم.

ثم لما خرج العسكر إلى حلب لحفظها من جهان شاه (١) خرج الوالد إليها في أبّهة وعظمة زائدة وطلب حافل، ثم لما انقضى ذلك قدم إلى القاهرة فأكرمه الظاهر وأنزله بقصر تمرباي (٢) بالكبش وأنس به في حلوله، وكان يسأله في كثير من الأمور الدينية والدنيوية وأحوال قواعد المملكة، ثم زاده على ما بيده بدمشق إمرة عشرين وبعث إليه بمبلغ ألف دينار، غير ما كان قد رتّبه باسمه وهو مقيم بالقاهرة، وغير ما رتّبه لأولاده على الذخيرة بالقدس، وعاد إلى دمشق، ثم بعث يستأذن الظاهر في الحج فلم يأذن له وقال إنه (لا يوافق) (٣) أن يتوجّه بمفرده، وإن توجّه بجماعته يحتاج إلى مصرف كبير. ثم بعث إليه في العام الثاني بإمرة الحاج بالمحمل الشامي، وبعث إليه خلعة هائلة وركوبا خاصا بالسرج الذهب والكنبوش الزركش وبعث بأن يعطى خمسة آلاف دينار من قلعة دمشق ليتجهّز بها، فأخذها وأضاف إليها من ماله نحوها أو زيادة على ذلك، وخرج إلى الحج في أبّهة زائدة، وكنّا معه في تلك السنة، وكانت حجّة حافلة جدا، وعاد وقد مات الظاهر وتسلطن بعده الأشرف إينال فبعث إليه باستقراره في إمرة الحاج على عادته ثانيا، وأضاف إليه الركوب الثلاث: الشامي، والحلبي، والكركي، وبعث إليه بألفي دينار فحجّ الخامسة، ثم بعد حضوره بأشهر قليلة توجّه إلى جهة القاهرة لعهود كانت بينه وبين إينال إن آتاه الله الملك أن يحضر إليه بغير إذن، وظنّ أنّ ذلك يتمّ له، فعورض في ذلك على ما تقدّم بيانه في محلّه، وبعث إليه الأشرف إينال بعوده من قطيا، واعتذر إليه في مكاتبة


(١) هو جهان شاه بن قرا يوسف بن قرا محمد التركماني الأصل، صاحب العراقين وملك الشرق إلى شيراز وممالك أذربيجان. قتل سنة ٨٧٢ هـ‍. (الضوء اللامع ٣/ ٨٠ رقم ٣١٤).
(٢) ترجم السخاوي لسبعة أمراء اسمهم «تمرباي»، ومن غير المعروف إن كان المذكور أعلاه واحدا منهم. (انظر: الضوء اللامع ٣/ ٣٩ رقم ١٥٩ - ١٦٥).
(٣) قرأتها بصعوبة، فهي غير واضحة في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>