ومن أدلة السنة قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يعرض نفسه على الناس في الموقف:«ألا رجل يحملني إلى قومه لأبلغ كلام ربي فإن قريشا قد منعوني أن أبلغ كلام ربي عز وجل» . وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، للبراء بن عازب:«إذا أويت إلى فراشك فقل: اللهم أسلمت نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت» .
وقال عمرو بن دينار: أدركت الناس منذ سبعين سنة يقولون: " الله الخالق وما سواه مخلوق، إلا القرآن فإنه كلام الله غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود" اهـ.
ومعنى قولهم:" منه بدأ " أن الله تكلم به ابتداء، وفيه رد على الجهمية القائلين بأنه خلقه في غيره.
وأما قولهم:"وإليه يعود" فيحتمل معنيين:
أحدهما: أنه تعود صفة الكلام بالقرآن إليه بمعنى أن أحدا لا يوصف بأنه تكلم به غير الله، لأنه هو المتكلم به، والكلام صفة للمتكلم.
الثاني: أنه يرفع إلى الله تعالى كما جاء في بعض الآثار أنه يسري به من المصاحف والصدور وذلك إنما يقع - والله أعلم - حين يعرض الناس عن العمل بالقرآن إعراضا كليا فيرفع عنهم تكريما له والله المستعان.