للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجلاً من أهل اليمن هاجر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "هل لك أحدٌ باليمنِ؟ " فقال: أبوايَ، فقال: "أَذِنَا لَكَ؟ " قال: لا، قال: "فارجعْ إليهما فاستأذِنْهُما، فإن أَذِنَا لك فجَاهِدْ وإلا فبرَّهُما " (١) .

ولا رَيْبَ أن من العقوق أن يدعَ الرجل أمَّه تموت بغَمِّها أو تمرض، أو يلحقها الوَسْواس المضرُّ ببدنها وتفكيرها ويؤثر على عباداتها، فتبقى كأنها في زجاجة لا يَقَرُّ لها قرار ولا يهدأ لها بال،

يَدَعُها في هذه الحال أو فيما دونها ثم يذهب ليجاهد.

والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يبلغ أمَّته أن برَّ الوالدين مقدَّمٌ على الجهاد في سبيل الله بدون تفصيل، وقد دلَّ الكتاب والسنَّة وإجماع المسلمين على أن برَّ الوالدين واجبٌ وجوب عين، وأن عقوقهما محُرَّم.

وأما الجهاد فإنما يجب في صور معيَّنة لا تنطبق على كلِّ جهاد. ثم إن الجهاد لا يمكن أن يجب وجوبَ عين على كل واحد، كوجوب الصلاة والزكاة والبر، لقول الله تعالى: (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) (٢) وأما برُّ الوالدين فواجب على كل مولود أن يَبَرَّ والديه.


(١) رواه أبو داود، كتاب الجهاد، باب الرجل يغزو وأبواه كارهان، برقم (٢٥٣٠) .
(٢) سورة التوبة، الآية: ١٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>