للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على وقتها". قلت: "ثمَّ أيٌّ؟ ". قال: "برُّ الوالدينِ ". قلت: "ثمَّ أيٌّ؟ ".

قال: "الجهادُ في سبيل الله " (١) فقدَّم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - برَّ الوالدين على الجهاد في سبيل الله.

وأمَّا أخوك، فإن خروجه لطلب العلم فيه خير كثير، وخروج عظيم، وطلبُ العلم كالجهاد في سبيل الله، لأنَّ الله تعالى جعله عَدِيلاً له في قوله: (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) (٢) . فجعل الله التفقه في الدين معادِلاً للجهاد في سبيل الله، وغزو المسلمين ليس بالسلاح فقط، وإنما هو بالسلاح والفكر والخُلُق، والغزو بالفكر لا يُقاوَم إلا بالعلم، والأخلاق أيضًا لا تُقاوَم إلا بالعلم والاستقامة، وربما يكون غزو الأعداء من سنين غزوًا فكريًا، أعظم فتكًا بهم من السلاح المادي؛ لأن النوع الأول من الغزو غزو يدخل بدون استئذان، ويَحتلُّ بدون قتال، فهو أنكى وأعظم من الجهاد المسلَّح بالسلاح المادي، والمسلمون يجب عليهم


(١) رواه البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب فضل الصلاة لوقتها، برقم (٥٢٧) ، وفي كتاب الجهاد، باب فضل الجهاد والسير، برقم (٢٧٨٢) ، ومسلم، كتاب الإيمان، باب بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال، برقم (٨٥) .
(٢) سورة التوبة، الآية: ١٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>