ولهذا كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يكثر المال عنده ويفتح الله عليه؛ كان إذا قدم إليه الميت سأل:"أعليه دين "؟ فإن قالوا: لا، تقدَّمَ وصلَّى عليه، وإن قالوا: نعم، وليس عنده وفاء، لم يصلِّ عليه، وقال:"صلُّوا على صاحِبكم"(١) .
وهذا يدلُّ على أهمية الدَين وعِظَمِه، والناس الآن مع الأسف لا يهتمون به، تجد الإنسان يَستدين في أشياء تعتبر من كماليات الحياة لا من ضرورياتها، ولا من حاجياتها، بل من المكملات فيستدينُ، وربَّما يحل الدين ويستدين مرة أخرى، وهكذا حتى تتراكم عليه الديون وهو لا يبالي بذلك، كأنه لم يسمع قصة المرأة التي جاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إني وهبت نفسي لك، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يَحلُّ له أن يتزوج بالهبة خالصة له دون المؤمنين، ولكنَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يرغب فيها، فقام رجل فقال: يا رسول الله إن لم يكن لك بها حاجة فَزوِّجنِيها، فطلب منه النبي - صلى الله عليه وسلم - الصداق قال: ما عِندي إلا إزاري، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " إن أعطيتَها إزارك جلست ولا إزار لك فالتمس شيئاً"
فالتَمَسَ فلم يجد شيئا، فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "التمس ولو خاتمًا من حديد" فالتَمَسَ فلم يجد شيئا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " هل معك شيءٌ
(١) انظر البخاري، كتاب الكفالة، باب من تكفل عن ميت ديناً فليس له أن يرجع، برقم (٢٢٩٥) ، ومسلم، كتاب الفرائض، باب من ترك مالاً فلورثته، برقم (١٦١٩) .