للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالعقول، فينظرون إلى جهة بعين ويعمون عن الجهة الأخرى، فينظرون إلى الواقع بعين أعور، لا يرى إلا من جانب واحد.

وإلا فإن الواجب أن العاقل ينظر إلى الحدث من جميع جوانبه، ولا شك أن كل مؤمن بالله ورسوله، لا يحب أن يرى كافرًا في الجزيرة العربية ولو كان كنَّاسًا في البلدية، فكيف يرضى أن يكون

هذه الجيوش العظيمة بأسلحتها وعتَادها في الجزيرة العربية! ولكن كما يقول الأول:

إذا لم يكن إلا الأسنة مركبًا فما حيلة المضطر إلا ركوبها فالعلماء رأوا ما أسلفت من أن وجود هؤلاء من باب اتقاء أشَدِّ الضررين بأخفهما.

والله سبحانه وتعالى قال في كتابه (وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ) (١) .

فنهى سبحانه عن سَبَّ آلهة المشركين، خوفًا من أن يحصل منهم سب لله- عز وجل-، مع أن سَبَّ آلهة المشركين لا شك أنه قربى ومأمور به، لكن لما كان يفضي إلى شر عظيم، كان السكوتُ عنه

أولى، وكذلك في الحديث الذي رواه البخاري، قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - لعائشة: "لولا أن قومك حديثو عهد بكفر لهدمت الكعبة وبنيتها على


(١) سورة الأنعام، الآية: ١٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>