الرابع: إن قولهم يستلزم أن يكون الله قد أنزل في كتابه المبين ألفاظا جوفاء لا يبين بها الحق، وإنما هي بمنزلة الحروف الهجائية والأبجدية، وهذا ينافي حكمة الله التي أنزل الله الكتاب وأرسل الرسول من أجلها.
تنبيه: علم مما سبق أن معاني التأويل ثلاثة:
أحدها: التفسير وهو إيضاح المعنى وبيانه، وهذا اصطلاح جمهور المفسرين ومنه «قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لابن عباس:" اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل".» وهذا معلوم عند العلماء في آيات الصفات وغيرها.
الثاني: الحقيقة التي يئول الشيء إليها، وهذا هو المعروف من معنى التأويل في الكتاب والسنة كما قال تعالى {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ}{ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} فتأويل آيات الصفات بهذا المعنى هو الكنه والحقيقة التي هي عليها، وهذا لا يعلمه إلا الله.
الثالث: صرف اللفظ عن ظاهره إلى المعنى الذي يخالف الظاهر وهو اصطلاح المتأخرين من المتكلمين وغيرهم. وهذان نوعان: صحيح وفاسد:
فالصحيح: ما دل الدليل عليه مثل تأويل قوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} إلى أن المعنى إذا أردت أن تقرأ.
والفاسد: ما لا دليل عليه كتأويل استواء الله على عرشه باستيلائه ويده بقوته ونعمته ونحو ذلك.