للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عباس- رضي الله عنه- تواضع للعلم فرفعه الله به.

وهكذا ينبغي لطالب العلم أن يثابر المثابرة الكبيرة، ويروى أيضًا عن الشافعي- رحمه الله- أنه استضافه الإمام أحمد رحمه الله ذات ليلة فقدم له العشاء، فأكل الشافعي ثم تفرق الرجلان إلى منامهما، فبقي الشافعي- رحمه الله- يفكر في استنباط أحكام من حديث، وهو قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يا أبا عمير ما فعل النغير" (١) .

وأبو عمير كان معه طائر صغير يسمى النغير، فمات هذا الطائر فحزن عليه الصبي، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يداعب الصبيان ويكلم كل إنسان بما يليق به، فظل طول الليل يستنبط من هذا الحديث.

ويقال: إنه استنبط منه أكثر من ألف فائدة، ولعله إذا استنبط فائدة جر إليها حديث آخر، وهكذا حتى تتم؛ فلما أذن الفجر قام الشافعي- رحمه الله- ولم يتوضأ ثم انصرف إلى بيته، وكان الإمام

أحمد رحمه الله يثني عليه عند أهله.

فقالوا له: يا أبا عبد الله كيف تثني على هذا الرجل الذي أكل فشرب ونام ولم يقم، وصلى الفجر بدون وضوء؟

فسأل الإمام الشافعي فقال: (أما كوني أكلت حتى أفرغت الإناء


(١) رواه البخاري/كتاب الأدب/باب الانبساط إلى الناس/برقم (٦١٢٩) . ومسلم/ كتاب الآداب/باب استحباب تحنيك المولود عند ولادته، برقم (٢١٥٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>