للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالعلم زادهم الله علمًا وزادهم تقى، آتاهم تقواهم، وهذه تعوز كثيرًا من طلاب العلم، كثيرًا من طلاب العلم أخذوا العلم نظريًا لا عمليًا فتجد عنده من قوة الحفظ والذاكرة والمجادلة والمناظرة شيئًا كثيرًا لكنه في العمل مفرط وهذا خطر عظيم؛ لأن الإنسان إذا لم يعمل بالعلم فعلمه وبالٌ عليه لاشك، وربما يُنزّع منه كما قال تعالى: (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ) (١) ولهذا قيل: (العلم يهتف بالعمل فمان أجاب وإلا ارتحل) ويهتف بمعنى: ينادي العمل إن أجاب وإلا ارتحل العلم.

النصيحة الرابعة: أن يكون مكبًا على العلم لا يمل ولا يكل ولا يتعب، وإذا تعب استراح بقدر ما يعود إليه نشاطه؛ لأن ابن عباس رضي الله عنهما وهو الذي دعا له الرسول عليه الصلاة والسلام أن يفقهه الله في الدين، ويعلمه التأويل (٢) ، كان يتابع الناس حتى قيل: إنه يأتي في القائلة، والذي يطلب منه العلم قد نام، فيتوسد رداءه وينام عند عتبة بابه ولا يوقظه فإذا استيقظ طلب منه الحديث فيقول له ابن عم رسول الله (تبقى عند بابي) قال (إني صاحب الحاجة ولا


(١) سورة المائدة، الآية: ١٣.
(٢) عند البخاري/كتاب الوضوء برقم (١٤) ولفظه: (اللهم فقهه في الدين) وعند أحمد بلفظ: (اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل) برقم (٢٢٧٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>