للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خطأ لا يمكن أن يصلح الناس في ساعة واحدة أبدًا. أليس النبي - صلى الله عليه وسلم - قد بقي في مكة ثلاث عشرة سنة يدعو الناس؟ وفي النهاية أخرج من مكة حين تآمروا عليه (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ) يثبتوك يعني يحبسوك (أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) (١) فلا يمكن أن تصلح الخلق بمجرد دعوة أو دعوتين لاسيما إذا لم تكن ذا قيمة بينهم لكن اصبر، وأطل النّفَس، وادع بالحكمة، وأحسن الخلق وسيتبين لك الأمر فيما بعد.

ولاشك أن حسن المنطق له تأثير عظيم بالغ. ويحكى أن رجلاً من أهل الحسبة مر على فلاح يسقي إبله وكان في آذان المغرب. وكان هذا الفلاح يغني لأن الإبل إذا سمعت الغناء تمشي كأنها مجنونة،

لأنها تطرب، فكان يغني غافلاً ولا يسمع الآذان فتكلم عليه رجل الحسبة بكلام شديد. فقال له صاحب الإبل: (سوف أغني وأستمر في الغناء، وإذا ما ذهبت فالعصا لمن عصا) ، يقول هذا الكلام: بسبب أنه جاءه بعنف فذهب صاحب الحسبة إلى الشيخ القاضي وقال له: أنا ذهبت لفلان وسمعته يغني على إبله والمؤذن يؤذن المغرب ونصحته لم يستجب. فلما كان من الغد ذهب الشيخ القاضي إلى مكان صاحب الإبل في الوقت نفسه فلما أذن جاء إلى الفلاح وقال


(١) سورة الأنفال، الآية: ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>