ولاشك أن من الناس في عهد الصحابة رضي الله عنهم وإلى عهدنا هذا من لا يستطيع الوصول إلى الحكم نفسه لجهله وقصوره، ووظيفة هذا أن يسأل أهل العلم، وسؤال أهل العلم يستلزم الأخذ
بما قالوا والأخذ بما قالوا هو التقليد.
وعلى هذا فنقول: من لا يتمكن من الوصول إلى الحق بنفسه فليتمكن من الوصول إليه بتقليد غيره من أهل العلم الذين أُمر بسؤالهم إن لم يكن عالمًا.
ولكن إذا سألنا سائل من أقلد؟
فالجواب: أن الواجب أن تقلد من تراه أقرب إلى الحق؛ لأن أهل العلم كالأطباء فهم أطباء القلب، وإذا كان الواحد منا إذا مرض وكان في البلد أطباء كثيرون، فنه سوف يختار من كان
أحذق وأعرف بالطب والأدوية والعلاج ولا يمكن لأحد أن يذهب إلى طبيب قاصر مع وجود من هو أحذق منه إلا عند الضرورة، كذلك في التقليد اختر من تراه أقرب إلى الحق لكونه
أعلم، وأتقى لله عز وجل، وفي هذه الحال تكون قد امتثلت قول الله تعالى:(فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)(١) .