للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المثال الثاني: الحيز أو المتحيز:

فإذا قال قائل: هل نصف الله تعالى بأنه متحيز أو في حيز؟

قلنا: لفظ " التحيز " أو " الحيز " ليس في الكتاب والسنة إثباته ولا نفيه عن الله تعالى، فليس فيهما أنه في حيز، أو متحيز، ولا أنه ليس كذلك وفي النصوص ما يغني عنه مثل الكبير المتعال.

وقد اضطرب المتأخرون في إثبات ذلك لله تعالى أو نفيه عنه فإذا أجريناه على القاعدة قلنا: أما اللفظ فلا نثبته ولا ننفيه لعدم ورود السمع به، وأما المعنى فينظر ماذا يراد بالحيز أو المتحيز أيراد به أن الله تعالى تحوزه المخلوقات وتحيط به، فهذا معنى باطل منفي عن الله تعالى لا يليق به فإن الله أكبر، وأعظم، وأجل من أن تحيط به المخلوقات وتحوزه كيف وقد وسع كرسيه السماوات والأرض، والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه؟ ! وفي الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «يقبض الله تبارك وتعالى الأرض يوم القيامة ويطوي السماوات بيمينه ثم يقول: أنا الملك أين ملوك الأرض» ؟ " وقال ابن عباس رضي الله عنهما: «ما السماوات السبع والأرضون السبع وما فيهن في يد الرحمن إلا كخردلة في يد أحدكم» .

أم يراد بالحيز أو المتحيز: أن الله منحاز عن المخلوقات أي مباين لها منفصل عنها ليس حالا فيها، ولا هي حالة فيه، فهذا حق ثابت لله عز وجل كما قال أئمة أهل السنة: هو فوق سماواته على عرشه، بائن من خلقه.

(تنبيه) جاء في القاعدة " أنه يجب علينا الإيمان بما أخبر الله به ورسوله سواء عرفنا معناه أم لا " لكن ليعلم أنه ليس في كلام الله ورسوله شيء لا يعرف معناه جميع الأمة، بل لا بد أن يكون معروفا لجميع الأمة أو بعضها لقوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} .

<<  <  ج: ص:  >  >>