ويشبه هذا الخطأ أن يجعل اللفظ نظيرا لما ليس مثله كما قيل في قوله تعالى:{لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} إنه مثل قوله تعالى: {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} فيكون المراد باليد نفس الفاعل في الآيتين. وهذا غلط فإن الفرق بينهما ثابت من وجوه ثلاثة:
الأول: من حيث الصيغة فإن الله قال في الآية الأولى: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} وهي تخالف الصيغة في الآية الثانية فإن الله قال فيها: {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} . ولو كانت الأولى نظيرة للثانية لكان لفظها:(لما خلقت يداي) فيضاف الخلق إليهما، كما أضيف العمل إليها في الثانية.
الثاني: أن الله تعالى أضاف في الآية الأولى الفعل إلى نفسه معدى بالباء إلى اليدين فكان سبحانه هو الخالق وكان خلقه بيديه. ألا ترى إلى قول القائل: كتبت بالقلم فإن الكاتب هو فاعل الكتابة، ومدخول الباء وهو القلم حصلت به الكتابة.
وأما الآية الثانية:{مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} . فأضاف الفعل فيها إلى الأيدي المضافة إليه وإضافة الفعل إلى الأيدي كإضافته إلى النفس فكأنه قال: مما عملنا. ألا ترى إلى قوله تعالى:{وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} . والمراد بما كسبتم بدليل قوله في آية أخرى:{فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا} .
الوجه الثالث: أن الله تعالى أضاف الفعل في الآية الأولى: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} معدى بالباء إلى يدين اثنتين، ولا يمكن أن يراد بهما