للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيتوهم واهم أنه كاستواء الإنسان على ظهور الفلك والأنعام، وأنه محتاج إلى العرش كحاجة الإنسان للأنعام والفلك، فلو عثرت الدابة لخر المستوي عليها، ولو انخرقت السفينة لغرق المستوي عليها، فقياس هذا أنه لو عدم العرش لسقط الرب على قياسه الفاسد، فينفي بذلك حقيقة الاستواء، ومنشأ هذا الوهم الذي توهمه في استواء الله على عرشه ظنه أنه مثل استواء الإنسان على ظهور الأنعام والفلك وهذا ظن فاسد؛ لأن الله تعالى أضاف الاستواء إلى نفسه الكريمة، لم يذكر استواء مطلقا يصلح للمخلوق، ولا عاما يتناول المخلوق، فتعين أن يكون استواء خاصا يليق به كسائر صفاته وأفعاله لا يماثل استواء المخلوقين، كما أن الله نفسه لا يماثل المخلوقين.

ألا ترى إلى قوله تعالى: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ} هل يتوهم أحد أن بناءه إياها كبناء المخلوق سقف البيت بحيث يحتاج إلى زنبيل، ومجارف وضرب لبن، وجبل طين ونحو ذلك، فإذا كان لا يحتاج إلى ذلك في هذا الفعل من أفعاله، لزم أن لا يكون محتاجا إلى العرش في استوائه عليه بل هو سبحانه الغني عن العرش وغيره.

فتجد هذا الذي نفى حقيقة الاستواء الذي هو ظاهر النصوص وقع في تلك المحاذير الأربعة:

١ - فقد مثل ما فهمه من استواء الله على عرشه باستواء المخلوقين.

٢ - وعطل النصوص عما دلت عليه من صفة الاستواء اللائق بالله، ثم حرفها إلى معان لا تدل عليها.

٣ - وكان نفيه لذلك وتعطيله بلا علم، بل عن جهل، وظن فاسد.

<<  <  ج: ص:  >  >>