وأما الضابط في باب الإثبات فأن نثبت لله تعالى ما أثبته لنفسه من صفات الكمال على وجه لا نقص فيه بأي حال من الأحوال لقوله تعالى:{وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} . والمثل الأعلى هو الوصف الأكمل الذي لا يماثله شيء.
فصفات الله تعالى كلها صفات كمال، سواء كانت صفات ثبوت أم صفات نفي، وقد سبق أن النفي المحض لا يوجد في صفات الله تعالى، وأن المقصود بصفات النفي نفي تلك الصفة لاتصافه بكمال ضدها.
ولهذا لا يصح في ضابط الإثبات أن نعتمد على مجرد الإثبات بلا تشبيه لأنه لو صح ذلك لجاز أن يثبت المفتري لله سبحانه كل صفة نقص مع نفي التشبيه، فيصفه بالحزن، والبكاء، والجوع، والعطش ونحوها مما ينزه الله عنه مع نفي التشبيه، فيقول: إن الله يحزن لا كحزن العباد، ويبكي لا كبكائهم، ويجوع لا كجوعهم، ويعطش لا كعطشهم، ويأكل لا كأكلهم، كما أنه يفرح لا كفرحهم، ويضحك لا كضحكهم، ويتكلم لا ككلامهم.
ولجاز أيضا أن يثبت المفتري لله سبحانه أعضاء كثيرة مع نفي التشبيه فيقول: إن لله تعالى كبدا لا كأكباد العباد، وأمعاء لا كأمعائهم، ونحو ذلك مما ينزه الله تعالى عنه، كما أن له وجها لا كوجوههم، ويدين لا كأيديهم.
ثم يقول المفتري لمن نفى ذلك وأثبت الفرح، والضحك، والكلام،