دون أن يقدر أن الله كتبه من أهل الشقاوة، ويعمل بعملهم؟!.
٢- أن إقحام النفس في مآثم ترك الواجب، وفعل المحرم ظلم لها وعدوان عليها كما قال الله تعالى عن المكذبين للرسل:
{وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} . ولو أن أحدا ظلم المحتج بالقدر على مخالفته، ثم قال له: ظلمي إياك كان بقدر الله. لم يقبل منه هذه الحجة، فكيف لا يقبل هذه الحجة بظلم غيره له، ثم يحتج بها بظلمه هو لنفسه؟!.
٣- أن هذا المحتج لو خير في السفر بين بلدين أحدهما: بلد آمن مطمئن فيه أنواع المآكل، والمشارب، والتنعم، والثاني: بلد خائف قلق، فيه أنواع البؤس، والشقاء، لاختار السفر إلى البلد الأول ولا يمكن أن يختار الثاني محتجا بالقدر، فلماذا يختار الأفضل في مقر الدنيا، ولا يختاره في مقر الآخرة؟!.
فإن قال قائل: ما الجواب عن قوله تعالى لرسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا} . فأخبر أن شركهم واقع بمشيئة الله تعالى!.
قيل له: الجواب عنه: أن الله تعالى أخبر أن شركهم واقع بمشيئته تسلية لرسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا دفاعا عنهم، وإقامة للعذر لهم، بخلاف احتجاج المشركين على شركهم بمشيئة الله فإنما قصدوا به دفع اللوم عنهم وإقامة العذر على استمرارهم على الشرك، ولهذا أبطل الله احتجاجهم ولم يبطل أن شركهم واقع بمشيئته.
فإن قال قائل: ما الجواب عما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «احتج آدم وموسى، وفي لفظ»