للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فانمحى به توجه اللوم على المخالفة، فلم يبق إلا محض القدر الذي احتج به لا ليستمر على ترك الواجب، أو فعل المحظور ولكن تفويضا إلى قدر الله تعالى الذي لا بد من وقوعه.

وقد أشار إلى هذا ابن القيم في -شفاء العليل- وقال: إنه لم يدفع بالقدر حقا ولا ذكره حجة له على باطل ولا محذور في الاحتجاج به، وأما الموضع الذي يضر الاحتجاج به ففي الحال والمستقبل بأن يرتكب فعلا محرما، أو يترك واجبا فيلومه عليه لائم فيحتج بالقدر على إقامته عليه وإصراره فيبطل بالاحتجاج به حقا ويرتكب باطلا، كما احتج به المصرون على شركهم وعبادتهم غير الله فقالوا: {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا} . {لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ} . فاحتجوا به مصوبين لما هم عليه وأنهم لم يندموا على فعله ولم يعزموا على تركه ولم يقروا بفساده فهذا ضد احتجاج من تبين له خطأ نفسه، وندم، وعزم كل العزم على أن لا يعود. . ونكتة المسألة أن اللوم إذا ارتفع صح الاحتجاج بالقدر، وإذا كان اللوم واقعا فالاحتجاج بالقدر باطل، ثم ذكر «حديث علي رضي الله عنه حين طرقه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفاطمة ليلا فقال: " ألا تصليان» ، الحديث. وأجاب عنه بأن احتجاج علي صحيح (ولذلك لم ينكر عليه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) (١) . صاحبه يعذر فيه فالنائم غير مفرط واحتجاج غير المفرط بالقدر صحيح.


(١) ما بين القوسين مني.

<<  <  ج: ص:  >  >>