وقوله:{فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} . ولهذا لما كان التوكل خاصا به كان وحده هو الحسب كما قال تعالى:{وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ} . فأما قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} . فمعناه أن الله هو حسبك وحسب من اتبعك من المؤمنين فقوله:{مَنِ اتَّبَعَكَ} معطوف على الكاف في قوله: حسبك وليس معطوفا على الله كما ظنه بعض الغالطين، فإن هذا يفسد به المعنى إذ يكون المعنى على هذا التقدير: أن الله والمؤمنين حسب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهذا باطل فإن مقام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعلى وأقوى من مقام من اتبعه فكيف يكون الأدنى حسبا للأعلى والأقوى.
ومنها الخشية، والخوف تعبدا وتقربا لقوله تعالى:{إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} . وقوله:{فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ} . وقوله:{فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} فجعل الرهبة له وحده كما جعل العبادة له وحده في قوله: {فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ} .
ومنها التقوى تعبدا وتقربا لقوله تعالى:{وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ} .