انظروا إلى هذا الأدب مع الله عز وجل، هكذا العبودية، ولهذا هم يقولون: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عبد من عباد الله، وهو أكمل الناس في عبوديته لله.
ويؤمنون أيضا بأن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يعلم الغيب إلا ما أطلعه الله عليه، لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا ولا لغيره، والله تعالى قد أمره أن يبلغ ذلك إلى الأمة فقال:{قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ} .
وما هي وظيفته؟ {إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ} ، ومن زعم أن الرسول عليه الصلاة والسلام يعلم شيئا من الغيب غير ما أطلعه الله عليه فهو كافر بالله ورسوله؛ لأنه مكذب لله ورسوله.
فإن الرسول أمر أن يقول وقال، قال قولا يتلى إلى يوم القيامة، قوله:{قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ} .
وبمناسبة هذه الآية الكريمة أود أن أقول: إن القرآن الكريم أحيانا تصدر الأخبار فيه بكلمة: (قل) وكل شيء صدر بهذه الكلمة معناه أن الله سبحانه وتعالى اعتنى به عناية خاصة؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قد أمر أن يقول كل القرآن {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} ، لكن هذا الذي خص بكلمة (قل) فيه عناية خاصة استحق أن يصدر بالأمر بالتبليغ على وجه الخصوص، مثل هذه الآية ومثلها في الأحكام:{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ}