للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله ورسوله، وهم الذين أظهروا صدق محبتهم لله ورسوله.

لا أولئك الذين يبتدعون في دين الله ما ليس منه في العقيدة، أو القول، أو العمل، وإنك لتعجب من قوم يعرفون قول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار» ويعلمون أن قوله: "كل بدعة" كلية عامة شاملة، مسورة بأقوى أدوات الشمول والعموم "كل" والذي نطق بهذه الكلية صلوات الله وسلامه عليه يعلم مدلول هذا اللفظ وهو أفصح الخلق، وأنصح الخلق للخلق لا يتلفظ إلا بشيء يقصد معناه. إذن فالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حينما قال: «كل بدعة ضلالة» كان يدري ما يقول، وكان يدري معنى ما يقول، وقد صدر هذا القول منه عن كمال نصح للأمة.

وإذا تم في الكلام هذه الأمور الثلاثة -كمال النصح والإرادة، وكمال البيان والفصاحة، وكمال العلم والمعرفة- دل ذلك على أن الكلام يراد به ما يدل عليه من المعنى، أفبعد هذه الكلية يصح أن نقسم البدعة إلى أقسام ثلاثة، أو إلى أقسام خمسة؟ أبدا، هذا لا يصح.

وما ادعاه العلماء من أن هناك بدعة حسنة. فلا تخلو من حالين:

١ - أن لا تكون بدعة لكن يظنها بدعة.

٢ - أن تكون بدعة فهي سيئة لكن لا يعلم عن سوئها.

فكل ما ادعي أنه بدعة حسنة فالجواب عنه بهذا. وعلى هذا فلا مدخل لأهل البدع في أن يجعلوا من بدعهم بدعة حسنة وفي يدنا هذا السيف الصارم من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كل بدعة ضلالة» . إن هذا السيف الصارم إنما صنع في مصانع النبوة والرسالة، إنه لم يصنع في مصانع مضطربة، لكنه صنع في مصانع النبوة، وصاغه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذه الصياغة البليغة فلا يمكن

<<  <  ج: ص:  >  >>