للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كهذه الأشياء، وأكله لكسبه بأن يكون الشيء حلالا ثم يصير حراما كالمغصوب والمسروق.

وكذلك المرابي ومن يأكل الربا سواء بصراحة أو بتحايل، والحيلة في ذلك أقبح من الصراحة لأنها تتضمن مفسدتين: المحرم والمخادعة والخيانة لله سبحانه، وهذا لا يخادع إلا نفسه فالله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.

وكذلك الذي يكسب المال بالغش والخداع، فيظهر السلعة بمظهر طيب وهي رديئة فيظنها المشتري جيدة ويدفع فيها الثمن الكثير وهي في الحقيقة لا تساوي هذا الثمن. وقد يظن هذا البائع الغشاش أنه ربح ولكنه في الحقيقة خاسر، لأن المغبون سيأخذ من حسناته يوم يكون أحوج إلى الحسنة من الدنيا وما عليها ولا يستطيع أن يفدي نفسه.

وقد «مر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بصاحب تمر فأدخل يده في التمر فإذا أسفله مبلول، فقال: "ما هذا يا صاحب الطعام"؟ فقال: أصابته السماء يا رسول الله، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من غش فليس منا» . وكان الواجب على هذا أن يظهر الرديء حتى يعرفه الناس.

ومن ذلك أيضا الكسب عن طريق الكذب، كمن يحلف أن هذه السلعة تساوي مائة وهي لا تساوي أكثر من خمسين، وقد يغتر من لا يعرف سعر هذه السلعة، فهذه الزيادة قد جاءت بالكذب وقد يزين له الشيطان أن المشتري قد اشترى برضاه، ولكن نقول له: لو علم المشتري أن القيمة الحقيقية أقل مما دفع فإنه لن يرضى، فهو إذا لم يشتر عن تراضٍ، بل بكذب وتغرير ودجل.

وقد تجد من يبيع السلعة بمائة ويبيعها من بجواره بخمسين، ولا شك أن هذا فرق كبير ليس مما يجري به العرف ويوجد بين الناس عادة ويتراضون به.

فالخلاصة أن الأصل في العبادات الحظر والمنع حتى يقوم دليل على

<<  <  ج: ص:  >  >>