للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسماها أم القرى {لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا} .

وما بعث الله رسولا إلا أيده بالآيات الدالة على صدق رسالته وصحة دعواه. قال الله تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ} أي: بالآيات البينات الواضحات، التي لا تدع مجالا للشك في صدق ما جاء به الرسول المرسل. قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ما من نبي من الأنبياء إلا قد أعطي من الآيات ما آمن على مثله البشر» . رواه البخاري ومسلم.

وهذا من حكمة الله العليا، ورحمته بعباده أن أيد الرسل بالآيات لئلا يبقى أمرهم مشكلا، فيقع الناس في الحيرة والشك، ولا يطمئنون إلى ما جاؤوا به.

وهذه الآيات التي جاءت بها الرسل لا بد أن تكون خارجة عن طوق البشر، إذ لو كانت في استطاعتهم ما صح أن تكون آية لإمكان البشر أن يدعي الرسالة ويأتي بها إذا كانت تحت قدرته، ولكن آيات الرسل لا يمكن للبشر أن يأتوا بمثلها، وقد جاءت كبريات الآيات من جنس ما برز به أهل العصر الذي بعث فيه ذلك الرسول كما قرر ذلك أهل العلم واستشهدوا على ذلك بآيات موسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام، فإن عهد موسى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ترقى فيه السحر، حتى بلغ السحرة الغاية في المهارة، والحذق فكان من أكبر الآيات التي جاء بها موسى ما يربو على فعل السحرة وهو يشبه في ظاهره السحر، وإن كان يختلف اختلافا كبيرا؛ لأن ما جاء به موسى حقيقة ما يراه الناظر بخلاف السحر فإنه يخيل للناظر وليست حقيقته كما يراه، فكان من الآيات التي جاء بها موسى عصاه التي يلقيها فتكون حية -ثعبانا- ويأخذها فتعود في يده عصاه الأولى، وقد ألقاها عند

<<  <  ج: ص:  >  >>