للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالقرآن كلام الله تعالى لفظا ومعنى، تكلم الله نفسه كلاما حقيقيا فأوحاه إلى جبريل، ثم نزل به جبريل على قلب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فوعاه، وحفظه وتكفل الله له بحفظه حيث قال: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} وإذا كان الله قد تكفل ببيانه فمعناه أن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سيحفظه ويعيه حتى يبلغه الناس ويبينه لهم وقال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} والقرآن آية من آيات النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدالة على صدقه من عدة أوجه:

الأول: عجز الخلق كلهم أن يأتوا مجتمعين أو منفردين بمثل هذا القرآن قال الله تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} يعني لا يمكن أن يأتوا بمثله ولو كان بعضهم معينا لبعض، وذلك لأن القرآن كلام الله ولا يمكن أن يشبهه شيء من كلام المخلوقين، لا من حيث اللفظ، ولا من حيث المعنى، ولا من حيث التأثير، ولا من حيث الثمرة والآثار الحميدة.

الثاني: من حيث اللفظ في قوته، ورصانته، وتركيبه، وأسلوبه، ونظمه، وبيانه، ووضوحه، وشموله للمعاني العديدة الواسعة التي لا تزال تظهر عند التأمل والتفكير، حتى كأنك لتسمع الآية التي ما تزال تقرؤها فينقدح لك منها معنى جديد، كأنك لم تسمع الآية من قبل وكأن الآية نزلت لتوها من أجله. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: نفس نظم القرآن وأسلوبه عجيب بديع، ليس من جنس أساليب الكلام المعروفة، ولم يأت أحد بنظير هذا الأسلوب، فإنه ليس من جنس الشعر، ولا الرجز، ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>