للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد موته بأن يجعل الله في قلوب الخلق قبولا لما دعا إليه وأخذا به وتمسكا به، فإن هذا يعتبر نصرا لهذا الداعية وإن كان ميتا، فعلى الداعية أن يكون صابرا على دعوته، مستمرا فيها، صابرا على ما يدعو إليه من دين الله عز وجل، صابرا على ما يعترض دعوته، صابرا على ما يعترضه هو من الأذى، وهاهم الرسل صلوات الله وسلامه عليهم أوذوا بالقول وبالفعل قال الله تعالى: {كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ} سورة الذاريات، الآية: ٥٢} وقال عز وجل: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ} ولكن على الداعية أن يقابل ذلك بالصبر، وانظر إلى قول الله عز وجل لرسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا} كان من المنتظر أن يقال: فاشكر نعمة ربك، ولكنه عز وجل قال: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ} وفي هذا إشارة إن كل من قام بهذا القرآن فلابد أن يناله ما يناله مما يحتاج إلى صبر، وانظر إلى حال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين ضربه قومه، فأدموه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول:

"اللهم اغفر لقومي؛ فإنهم لا يعلمون" (١) فعلى الداعية أن يكون صابرا محتسبا.

والصبر ثلاثة أقسام:

١ - صبر على طاعة الله.

٢ - صبر عن محارم الله.

٣ - صبر على أقدار الله التي يجريها إما مما لا كسب للعباد فيه، وإما مما يجريه الله على أيدي بعض العباد من الإيذاء والاعتداء.


(١) رواه البخاري، كتاب استتابة المرتدين والمعاندين. ومسلم، كتاب الجهاد، باب: غزوة أحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>