إلى غير هذا مما ذكروه ونفوا من أجله حقيقة ما وصف الله به نفسه من ذلك.
ولعل فضيلتكم يرجع إلى ما كتبته عن القول الثاني في تفسير الحديث، والذي ذهب إليه بعض الناس، فإن العلة فيه عندي غير المشاكلة؛ لأني أرى أن التعليل بالمشاكلة تعليل ينفتح به ما لا يمكن دفعه، كما أنه عند التأمل لا مشاكلة في الحديث لما بينته آنفا.
وأما ما تفضل به فضيلته من ملاحظة على قولي:" إن الحديث خرج مخرج المثال فيكون المعنى من أتاني يمشي في عبادة تفتقر إلى المشي" من وجهين:
أحدها: أن لفظ (مَن) من صيغ العموم.
الثاني: أنه تفسير وتأويل لا ينضبط.
فلا يخفى على فضيلتكم أن لفظ (مَن) وغيرها من الأسماء الموصلة أو الشرطية، عام في أفراد ما تدل عليه الصلة أو فعل الشرط فقط، فإذا قلت: من أخبرني بقدوم فلان فله كذا، كان عاما في جميع أفراد من يخبرك بقدومه، لكنه لا يتناول من أخبرك بقدوم غيره، أو من أخبرك عنه بشيء غير القدوم، فقوله تعالى في الحديث القدسي:«من أتاني يمشي في عبادة تستلزم المشي» . لم نكن أخرجنا لفظ (مَن) عن العموم حيث جعلناها شاملة لكل فرد من أفراد من أتى الله يمشي، وإتيان الله تعالى مشيا إنما يكون في عبادة