للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأنه لا يمكن أن يكون ظاهر كلام الله تعالى أمرا مستحيلا.

وأما قوله رحمه الله تعالى: "ومن المعلوم أنه ليس ظاهر الخطاب أن العبد يتقرب إلى الله تعالى بحركة بدنه شبرا وذراعا ومشيا وهرولة". فإنه قد يقال: ما الذي يمنع ذلك فإن العبد يتقرب إلى ربه بحركة قلبه وحركة بدنه، ولهذا يقال: القلوب جوالة، فقلب يحوم حول العرش، وقلب يتجول حول الحش. وحركة القلب وشعور العبد بقربه من ربه بقلبه أمر معلوم، وكذلك حركة البدن التي يتقرب العبد بها إلى ربه بقلبه أمر معلوم، وكذلك حركة البدن التي يتقرب العبد بها إلى ربه بكون الحركة في شأن موسى: {وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا} . قال ابن كثير رحمه الله: "كلمه الله تعالى وناداه وقربه فناجاه".

ولا يخفى على فضيلتكم ما رواه الإمام أحمد وابن حبان والحاكم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «إن الله يباهي بأهل عرفات أهل السماء، فيقول لهم: انظروا إلى عباد جاءوني شعثا غبرا» . وما رواه أحمد ومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها، أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول:ما أراد هؤلاء» . ودنوه - جل وعلا - كما يعلم فضيلتكم لا ينافي علوه تعالى، قال شيخ الإسلام في الفتاوى: (جمع ابن قاسم) ٤٦ \ ٥) : " وأصل هذا أن قربه سبحانه ودنوه من بعض مخلوقاته لا يستلزم أن تخلو ذاته من فوق العرش، بل هو فوق العرش، ويقرب من خلقه كيف يشاء،

<<  <  ج: ص:  >  >>