للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عذابه وعقابه، وهذه الدرجة عند أرباب السلوك أدنى من الدرجة الأولى.

وعبادة الله سبحانه وتعالى هي كما قال ابن القيم - رحمه الله -:

وعبادة الرحمن غاية حبه ... مع ذل عابده هما ركنان

، فالعبادة مبنية على هذين الأمرين: غاية الحب، وغاية الذل، ففي الحب الطلب، وفي الذل الخوف والهرب، فهذا هو الإحسان في عبادة الله عز وجل وإذا كان الإنسان يعبد الله على هذا الوجه، فإنه سوف يكون مخلصا لله عز وجل لا يريد بعبادته رياء ولا سمعة، ولا مدحا عند الناس، وسواء اطلع الناس عليه أم لم يطلعوا، الكل عنده سواء، وهو محسن العبادة على كل حال، بل إن من تمام الإخلاص أن يحرص الإنسان على ألا يراه الناس في عبادته، وأن تكون عبادته مع ربه سرا، إلا إذا كان في إعلان ذلك مصلحة للمسلمين أو للإسلام، مثل أن يكون رجلا متبوعا يقتدى به، وأحب أن يبين عبادته للناس ليأخذوا من ذلك نبراسا يسيرون عليه، أو كان هو يحب أن يظهر العبادة ليقتدى بها زملاؤه وقرناؤه وأصحابه ففي هذا خير، وهذه المصلحة التي يلتفت إليها قد تكون أفضل وأعلى من مصلحة الإخفاء، لهذا يثني الله عز وجل على الذين ينفقون أموالهم سرّا وعلانية، فإذا كان السر أصلح وأنفع للقلب وأخشع وأشد إنابة إلى الله أسروا، وإذا كان

<<  <  ج: ص:  >  >>