للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بطون الأمهات والحيتان في قعار البحار والسباع في مهامه القفار والطيور في أعالي الأوكار، ورزق كل حيوان وهداه لتحصيل معاشه، فأعطى كل شيء خلقه ثم هدى، ولو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو في الصباح خماصا جائعة ثم تروح في المساء بطانا ممتلئة بطونها بما يسر الله لها من الرزق والأقوات؛ ومن رزق الله تعالى ما يمن الله به على من شاء من خلقه من حسن الخلق وسماحة النفس، ومن رزقه تعالى ما يمن الله به على من يشاء من العلم النافع والإيمان الصحيح والعمل الصالح الدائب، وهذا أعظم رزق يمن الله به على العبد {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} .

وهو سبحانه المعطي المانع فكم من سائل أعطاه سؤله، وكم من محتاج أعطاه سؤله، وكم من محتاج أعطاه حاجته ودفع ضرورته؛ وإنه تعالى ليستحيي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفرا، وكم منع سبحانه من بلاء انعقدت أسبابه فمنعه عن عباده ودفعه عنهم، فلا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع وهو سبحانه الذي بيده النفع والضر، إن جاءك نفع فمن الله وإن حصل عليك ضر لم يكشفه سواه ولو اجتمعت الأمة على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمع الناس على أن يضروك بشيء لا يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، فربك هو المدبر المتصرف بخلقه كما يشاء فالجأ إليه عند

<<  <  ج: ص:  >  >>