وعطش الناس يوم الحديبية وبين يدي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ركوة (الركوة إناء من جلد يشرب منه الماء) يتوضأ منها فجهش الناس نحوه، فقال:" مالكم؟ " قالوا: ليس عندنا ماء نتوضأ ولا نشرب إلا ما بين يديك، فوضع يده في الركوة فجعل الماء يفور من بين أصابعه كأمثال العيون، فشربنا وتوضأنا. قيل لجابر: كم كنتم؟ قال: لو كنا مئة ألف لكفانا، كنا ألفا وخمسمائة. أو قال: ألفا وأربعمائة.
وكان المسلمون في سفر مع نبيهم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فاحتاجوا إلى الطعام فدعا ببقايا طعام كانت معهم فدعا الله فيها بالبركة ثم أمرهم أن يأتوا بأوعيتهم فجاؤوا بها فملأها وفضل فضل كثير، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عند ذلك:«أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أني عبد الله ورسوله، ومن لقي الله عز وجل بهما غير شاك دخل الجنة» .
وكان له - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جذع نخلة يسند ظهره إليه يوم الجمعة، فلما صنع له المنبر وخطب عليه جعل الجذع يئن كما يئن الصبي حتى نزل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فسكنه كما يسكن الصبي حتى سكن. ولله تعالى من الآيات وخوارق العادات ما يشهد بتمام ملكه وقدرته وما هو أعظم برهان على علمه وحكمته، قال الله تعالى:{سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.