للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا التوحيد هو معنى قولك: " لا إله إلا الله " فإن الإله عندهم هو الذي يقصد لأجل هذه الأمور سواء كان ملكا، أو نبيا، أو وليا، أو شجرة، أو قبرا، أو جنيا لم يريدوا أن الإله هو الخالق الرازق المدبر، فإنهم يعلمون أن ذلك لله وحده كما قدمت لك، وإنما يعنون

ــ

الله عليه وسلم - كانوا يقرون بتوحيد الربوبية ومع هذا استباح النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دماءهم وأموالهم على أنهم يعبدون الملائكة وغيرهم مما يعبدونهم من الأولياء والصالحين يريدون بذلك أن يقربوهم إلى الله وهي كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} فهم مقرون بأن الله هو المقصود، ولكنهم يقصدون الملائكة، وغيرهم ليقربوهم إلى الله، ومع ذلك لم يدخلهم في التوحيد.

قوله: " وهذا التوحيد هو معنى قولك لا إله إلا الله " أي إن التوحيد الذي دعا إليه النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - هو معنى لا إله إلا الله أي: لا معبود حق إلا الله- عز وجل -فهم يعلمون أن معناها لا معبود حق إلا الله - عز وجل - وليس معناه لا خالق، أو لا رازق، أو لا مدبّر إلا الله، أو لا قادر على الاختراع إلا الله كما يقوله كثير من المتكلمين، فإن هذا المعنى لا ينكره المشركون ولا يردونه، وإنما يردون معنى " لا إله إلا الله " أي لا معبود حق إلا الله، كما قال تعالى عنهم: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ} .

<<  <  ج: ص:  >  >>