وقد يكون لأعداء التوحيد علوم كثيرة وكتب وحجج كما قال الله تعالى:{فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ}
ــ
وأما العدوان فقال الله تعالى في مقابلته:{وَنَصِيرًا} لمن أراد أن يردعه أعداء الأنبياء.
فالله تعالى يهدي الرسل وأتباعهم وينصرهم على أعدائهم ولو كانوا من أقوى الأعداء، فعلينا أن لا نيأس لكثرة الأعداء وقوة من يقاوم الحق فإن الحق كما قال ابن القيم - رحمه الله -:
الحق منصور وممتحن فلا ... تعجب فهذي سنة الرحمن
فلا يجوز لنا أن نيأس بل علينا أن نطيل النفس وأن ننتظر وستكون العاقبة للمتقين، فالأمل دافع قوي للمضي في الدعوة والسعي في إنجاحها، كما أن اليأس سبب للفشل والتأخر في الدعوة.
يعني أن أعداء الرسل الذين يجادلونهم ويكذبونهم قد يكون عندهم علوم كثيرة، وكتب وشبهات يسمونها " حججا " يلبسون بها على الناس فيلبسون الحق بالباطل كما قال تعالى: {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} . وهذا الفرح مذموم؛ لأنه فرح بغير ما يرضي الله فيكون من الفرح المذموم.
وأشار المؤلف - رحمه الله تعالى - بهذه الجملة إلى أنه ينبغي أن نعرف ما عند هؤلاء من العلوم والشبهات من أجل أن نرد عليهم بسلاحهم وهذا من هدي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولهذا لما بعث معاذا إلى اليمن قال له:«إنك تأتي قوما أهل كتاب» وذلك من أجل أن يستعد لهم ويعرف ما عندهم من الكتاب حتى يرد عليهم بما جاءوا به.