فنقول: جواب أهل الباطل من طريقين: مجمل، ومفصل، أما المجمل: فهو الأمر العظيم والفائدة الكبيرة لمن عقلها وذلك قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ}[سورة آل عمران، الآية: ٧] .
ــ
يدخل في مجادلة أحد إلا بعد أن يعرف حجته، ويكون مستعدا لدحرها، والجواب عنها؛ لأنه إذا دخل في غير معرفة صارت العاقبة عليه، إلا أن يشاء الله كما أن الإنسان لا يدخل في ميدان المعركة مع العدو إلا بسلاح وشجاعة، ثم ذكر المؤلف - رحمه الله - أنه سيذكر في كتابه هذا كل حجة أتى بها المشركون ليحتجوا بها على شيخ الإسلام - رحمه الله - ويكشف هذه الشبهات؛ لأنها في الحقيقة ليست حججا، ولكنها تشبيه وتلبيس.
بين - رحمه الله تعالى - أنه سيجيب على هذه الشبهات بجوابين:
أحدهما: مجمل عام صالح لكل شبهة.
الثاني: مفصل، وهكذا ينبغي لأهل العلم في باب المناظرة والمجادلة أن يأتوا بجواب مجمل حتى يشمل ما يحتمل أن يورده الملبسون المشبهون، ويأتي بجواب مفصل لكل مسألة بعينها قال الله تعالى:{كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ}[سورة هود، آية: ١] فذكر في الجواب المجمل - رحمه الله -: أن هؤلاء الذين يتبعون المتشابه هم الذين في قلوبهم زيغ كما صح ذلك عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في قوله تعالى:{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ}